الثلاثاء، 27 أغسطس 2019

210-خصائص التعليم المختلط


خصائص التعليم المختلط
د/ منى زيتون
أحد مقالات كتابي "اختلاط المراهقين في التعليم"
منشور الثلاثاء 27 أغسطس 2019

تكلمنا في مقال سابق عن تطور التعليم المختلط عبر العصور، وفي هذا المقال نتحدث عن خصائص ومزايا التعليم المختلط من وجهة نظر التربويين الذين يرون أفضليته على التعليم غير المختلط، وخاصة التعليم المنفصل لكلا الجنسين.

ويمكن تلخيص الأسباب التي يستند إليها أصحاب الرأي المؤيد لتطبيق نظام الاختلاط في التعليم في البلاد العربية، وذلك تأسيسًا على نتائج الدراسات التي تمت في هذا المضمار في:
1-    انفصال الجنسين يؤدي إلى إثارة الفضول المبكر في مخيلة الشباب.
2-    يفضل من الناحية التربوية ألا يختلف تركيب المدرسة عن تركيب الأسرة والمجتمع، لأن البنين والبنات مختلطون وسوف يختلطون في المجتمع.
3-    للاختلاط دور كبير في التكيف الاجتماعي، فالاختلاط بين أفراد الجنسين ضرورة اجتماعية ونفسية.
4-    طلاب الدراسة المختلطة أكثر مقدرة على التفاعل والحركة.
5-    وجود البنات في المدارس مع البنين يحسن من المستوى الأخلاقي والفكري والروحي والسلوكي.
6-    التعليم المختلط هو الأفضل من الناحية الاقتصادية لإنشاء نظام واحد من التعليم في المدارس.
7-    الإفادة من التعامل مع الجنس الآخر.
8-    إثبات الشخصية.
9-    مواجهة الحياة.
10- التغلب على مشكلة الخجل وزيادة الثقة بالنفس.
11- زيادة المواظبة والحضور بين التلاميذ والتلميذات.
12- المنافسة العلمية بين الجنسين ما يساعد على ارتفاع مستوى التحصيل لديهم.
13- تنويع النشاطات المدرسية وزيادة مساهمة الجنسين فيها.
14- الاختلاط يساعد على إشباع الحاجات النفسية لكلا الجنسين، وفي الوقت نفسه يعتبر إعدادًا لهما للحياة في المستقبل ومواجهة متطلبات هذه الحياة.
15- يساعد الاختلاط على النمو الاجتماعي والانفعالي والخلقي.
16- تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم لكل من الجنسين.
17- يساعد على إقامة علاقات اجتماعية سليمة أساسها التقبل والاحترام المتبادل بين الجنسين.
18- أيضًا يستند المؤيدون للتعليم المختلط إلى أن الاختلاط كان أمرًا عاديًا منذ القدم عند العرب فلم يمنعوا الاختلاط بين الرجل والمرأة ولم يسبق لهم الفصل بينهما، حيث كانت المرأة تتعامل مع الرجال وتتحدث إليهم بحرية، كما لم تمانع القبائل العربية من اشتراك نسائها في مجال الشعر والأدب، فكانت النساء تفدن إلى سوق عكاظ وغيره ليستمعن إلى إنشاد الشعراء وخطب الخطباء.
19- أيضًا يستند المؤيدون إلى أن التغيرات الاجتماعية السريعة التي تجتاح البلاد العربية قد أباحت الاختلاط بين الجنسين في شتى المجالات سواء بالمدرسة أو النادي أو المكتب الحكومي أو المصنع أو الشارع وفي كل مجالات العمل على اختلاف أنواعها، واعتاد الجميع رؤية الرجل والمرأة في مكان واحد، ويعتبرون ذلك مبررًا لاستمرار هذه الظاهرة في التعليم.

هذا فيما يتعلق بوجهة النظر المؤيدة للاختلاط في التعليم في البلاد العربية، والتي تبدو في صياغتها أقرب للآراء الشخصية رغم استنادها إلى دراسات! ولا تختلف وجهة النظر المؤيدة للاختلاط في التعليم في الغرب كثيرًا في الأسباب المطروحة، لكن مع رصانة ومنهجية علمية في إجراء الدراسات وصياغة النتائج، فنجدها ترتكز إلى بعض الخصائص التي تراها الأغلبية المؤيدة من الباحثين الأجانب بأن الاختلاط أفضل من الفصل في المدارس، كما تعتبر التمييز الجنسي في المدارس غير مرض، وترى أن التعليم المختلط يتميز بعدة إيجابيات أهمها التمهيد للحياة الاجتماعية والعلاقات مع الآخرين، وأن الآداب المدرسية جيدة والمناخ طبيعي وأكثر ودية، وكذلك العلاقات بين المدرسين وبينهم وبين التلاميذ ممتازة، وأن روح المنافسة الودية بين البنين والبنات تحفزهم على الاهتمام بالمواد الدراسية، وهو ما يلزم تفصيله.

خصائص التعليم المختلط Coeducation properties
1- الفعالية (الكفاية) الاقتصادية  Economic Efficiency
بمراجعة دراسة اليونسكو عن 105 دولة في العالم، يلاحظ جرينوف (Greenough, 1970) أن "التعليم المختلط الحقيقي بدأ غالبًا كنتيجة لظروف خاصة أكثر من أي مبدأ معرف واضح"، ومن ثم فالتعليم المختلط نشأ كنموذج معتاد ليس بسبب الاهتمامات التربوية وإنما لأسباب أخرى غالبًا اقتصادية.
حتى في المدارس الكاثوليكية -وبنظرة نفعية، كما يذكر دورمان (Dorman,1997,p.8)- قام المديرون التربويون الكاثوليك بدمج المدارس منفصلة الجنس أينما كانت الضرورة لتكوين مدارس مختلطة، وذلك بمقياس اقتصادي أفضل، وبهذا فإن المناقشات حول التعليم المختلط أُسست على أساس مالي أكثر من الأساس التربوي.
ويؤكد ريوردان (Riordan,1990,p.2:26) على تلك الفكرة في دراسته عن التعليم المختلط بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث ذكر أن سياسة التعليم المختلط نادرًا ما نُوقشت على أسس تربوية، وأن هذه الممارسة غالبًا نشأت على أسس اقتصادية، كما يذكر أن الملاحظات التاريخية تؤكد أن توفير الدعم الحكومي غالبًا ما كان ناقصًا لتربية الفتيات، وأن المدارس كانت منشأة خاصة لتربية البنين، وأن بعض المدن القليلة فقط هي التي أتاحت الفرصة للفتيات للالتحاق بالمدارس الابتدائية إما مع البنين أو في ساعات منفصلة؛ أي أن أغلب المدن لم تستطع تحمل تكاليف إنشاء مدرستين لذا فقد طورت نظام التعليم المختلط بحيث يتعلم الجنسان معًا.
وفي الدول النامية على وجه الخصوص يرى الباحثون أن التعليم المختلط يجب ألا يُعارض لأن تلك الدول لا تملك حلًا غيره يتيح للفتيات فرصة التعلم.
لكنني أرى أن مدارس التعليم المختلط وإن كانت قد بدأت حقيقة تحت ضغط الضرورة الاقتصادية، لكنها بقيت طويلًا بعد أن استطاعت زيادة السكان ببساطة أن تدعم المدارس منفصلة الجنس، ما يعني أنه عبر الزمن أصبح نمط التعليم المختلط نمطًا مقبولًا على أسس تربوية لدى بعض التربويين والآباء كأفضل طريقة لتربية الصغار، وإن كان هذا يصدق على الحال في الدول المتقدمة أكثر مما يصدق في الدول النامية.

2- الوضع الطبيعي The Natural Situation
يشير ديل (Dale,1969-1971-1974) إلى أنه من الشائع الاحتجاج بأن المدارس المختلطة تمد ببيئة اجتماعية تكون طبيعية بشكل أكثر لإعداد المراهقين لأخذ مكانهم في مجتمع الرجال والنساء أكثر مما تقوم به المدارس منفصلة الجنس.
ويرى ريوردان (Riordan,1990,p.40) أن كثيرًا من الآباء والمعلمين يعتقدون أن التعليم منفصل الجنس ربما يعوق تطور العلاقات الإيجابية بين الأفراد من الجنسين، إنهم أيضًا يحتجون بأن البنين والبنات يجب أن يتعلموا أن يحيوا ويعملوا سويًا، ومن هذه النقطة فالفصل بين الجنسين في المدارس يخلق وضعًا غير طبيعي.
وتشير نادين بلاتو (Nadine Plateau,1995,p.60) إلى أن التعليم المختلط يعود إلى فكرة المجتمع المختلط الذي تطور من خلال النظرة بوجوب المساواة بين الجنسين سياسيًا واقتصاديًا.
وكان يُقصد من ذلك -وفقًا لخليل ميخائيل معوض (1983، ص 335)- أن تكون المدرسة صورة مصغرة من المجتمع.
ولكنني أرى أن تلك الميزة يوفرها التعليم المختلط في المجتمعات التي يتزايد فيها الاختلاط بين الجنسين في كافة مناحي الحياة، بينما يتعارض نمط التعليم المختلط مع مبدأ الفصل بين الجنسين السائد في بعض المجتمعات الأخرى.

3- اختزال الآراء الجنسية النمطية عن الجنس الآخر Reduction of Gender Stereotypes
يذكر ريوردان في دراسته (Riordan,1990,p.42) أن مؤيدي التعليم المختلط يدفعون بأفضليته لأن البنين والبنات في المدارس المنفصلة يكونون أفكارًا عامة خاطئة عن الجنس الآخر، بينما تحرك المدرسة المختلطة النموذجية تأثيرات الاتصال بين الجنسين، ومثل تلك الظروف يمكن خلقها من خلال بعض أشكال المعالجة المدخلة.
كما ترى سارة- لافوس (Sara- Lafosse,1992,p.87) أنه بالرغم من أن المدارس المختلطة ربما تكون في بعض المراحل غير مرغوب فيها للنمو المعرفي للفتيات، وربما ترسل رسائل منهجية مختفية مدعمة لتبعية النساء، فإن التعايش بين البنات والبنين في هذه المدارس يؤدي لإنقاص خرافات الذكورة والأنوثة التي تسبب تباعد أفراد الجنسين عن بعضهم البعض، فعلى سبيل المثال فالاعتقاد بأن عمل المنزل هو بشكل كلي مهمة نسائية ينقص لدى البنين في المدارس المختلطة.
بالرغم من ذلك فالتفاعل مختلط الجنس في المدرسة أو أي مكان آخر يكون نادرًا، فنجد هارين Harein ترفض ما يدعيه مناصرو التعليم المختلط قائلة "إن مدارس التعليم المختلط هي في الواقع معزولة الجنس"، كما أنه في مراجعة للتوقعات التربوية للنساء في التعليم العالي يذكر ريوردان (Riordan,1990,p.44)  أن التفاعل الفصلي المختلط ربما يكون سالبًا للنساء، كما وجدت دراسة هول وساندلر (Hall and Sandler,1982)  أن النساء ربما تبدين متجاهلات من قبل زملائهن الذكور في الفصل.
ولا شك أن التفاعل المختلط الحقيقي والتعايش بين البنين والبنات يعطي الفرصة لأفراد كل جنس للتعرف على أفراد الجنس الآخر، ومن ثم تنقص لديهم تلك الآراء الخاطئة عن الجنس الآخر التي تساعد البيئات المنفصلة على تكوينها، وإن كان لهذا التعايش الكامل أيضًا مضارًا لا تُنكر كما سيأتي تفصيله في خصائص التعليم منفصل الجنس.

4- مساواة تطور الدور الجنسي Egalitarian Sex- Role Development
يذكر ريوردان (Riordan,1990,p.45) أن من خصائص التعليم المختلط إعداد الصغار لتمييز أقل في الأدوار الجنسية.
ويوضح طارق جودت (1995، ص ص 16 – 17) مفهوم دور الجنس على أنه تركيبات اجتماعية متعلمة بالأحرى عن كونها متصلة جوهريًا بالطبيعة البيولوجية للذكر والأنثى، فالتأثيرات الاجتماعية الثقافية تكون حاسمة في نسبة دور الجنس، ومن ثم فإن معايير دور الجنس هي السلوك الذي يعتبره المجتمع ملائمًا للفرد بسبب جنسه أو جنسها.
وحتى وقت قريب بكل معنى الكلمة كان الأطفال خارج المدرسة يشتركون بشكل أوسع في أنشطة منفصلة بين البنين والبنات، وفي هذه البيئة الثقافية يكون التعليم منفصل الجنس إحساسًا طبيعيًا، أما اليوم فقد أصبحت الأدوار الجنسية التقليدية أقل تمييزًا، وبشكل متزايد أصبح كثير من الرجال والنساء يتشاركون أعمالًا منزلية ووظائف ووقت فراغ؛ خالقين ثغرة أوسع بين التعليم المنفصل والحياة في المجتمع المتسع، ولمقابلة هذه الظروف المتغيرة أصبح البالغون بحاجة لمهارات وسمات متلازمة مع الدور الجنسي التقليدي الذكري والأنثوي.
ووفقًا لكل من روزنبرغ وسوتون سميث (Rosenberg & Suton Smith, 1972)  فإنه وبسبب التغيرات السريعة وانتشار التعليم والتقدم التكنولوجي فإن الأدوار المرسومة للذكر والأنثى قد تعرضت للكثير من التغير عبر الزمن في كثير من المجتمعات، وقد شهدت العقود الأخيرة كثيرًا من المحاولات الناجحة والضغوط لمراجعة الأدوار التقليدية المرسومة لكل من الذكور والإناث في كثير من الأطر الثقافية، ما أدى إلى حدوث تغيير واضح في هذه الأدوار وبصفة خاصة في مجالات التعليم والعمل، وهناك اتجاه لاعتبار أن الذكورة والأنوثة النفسية هي أكثر تعقيدًا وتداخلًا مع بعضها البعض، كما أنها أقل تحديدًا وتمايزًا مما كان الأمر عليه في الأجيال السابقة.
وقد توصل كولمان (Coleman, 1961, p.93) إلى أن التعليم المختلط في مرحلة المراهقة يؤثر على الذكور بحيث يقلل لديهم بعض خصائص الذكورة كالقوة والفظاظة، كما يزيد لديهم بعض خصائص الأنوثة كالرقة والأناقة، كذلك يؤثر على الإناث بحيث يقلل لديهن بعض خصائص الأنوثة كالطاعة والرقة، كما يزيد لديهن بعض خصائص الذكورة كالقوة والاستقلال والتمرد. 
ويوضح ريوردان (Riordan,1990,p.45) أن التعليم المختلط ربما يمد بتعلم أدوار جنسية غير تقليدية (عبر جنسية) بطريقتين:
الأولى: التفاعل المختلط اليومي ربما يعطي التلاميذ الفرصة لملاحظة سلوك الدور الجنسي المعاكس ولتطوير توقعات ملائمة، وبالرغم من ذلك فالمدارس المختلطة هي عادة عازلة للجنسين!
الثانية: المناهج في المدارس الخالية من التأثير الجنسي لأحد الجنسين يجب أن تكشف للتلاميذ عن مواقف ترسم أدوارًا تختلف عن القوالب النمطية الجامدة لكل من الذكور والإناث.
يضيف في (Ve,1997,p.16) بأن هناك اتفاقًا واسعًا على أن الآراء حول الدور الجنسي لأدوار الذكور والإناث في العمل والأسرة تبدأ في الأعوام الأولى من الحياة –وإن كانت تتزايد في مرحلة المراهقة-، وأن ملاحظة الأدوار الطبيعية المناسبة المشتركة لكل من البنين والبنات تُعزز من خلال المعلمين وبيئة التعلم ومن خلال ضغوط جماعة الأقران.
كما تضيف نادين بلاتو Nadine Plateau,1995,p.64)) أنه يمكننا مشاهدة أن الفتيات والفتيان يتعلمون أن يحيوا سويًا في الفصل الدراسي، ليفهموا هذا العالم الصغير، وليجدوا مكانهم فيه بناءً على فرديتهم وخبراتهم المجمعة، وأخيرًا لبنائه سويًا.
لكن لا بد وأن يكون لأنصار التعليم منفصل الجنس رأي آخر، فيذكر لي وبريك (Lee & Bryk, 1986, p.388) أن هذه الميزة للتعليم المختلط ما هي إلا ضرر واضح على كلا الجنسين؛ إذ يؤدي هذا النمط من التعليم على حد قولهما إلى تميع الحدود الفاصلة بين دور الرجل ودور المرأة، وإن كانا يعتقدان أن الإناث تتأثر بهذا الضرر أكثر من الذكور، وذلك بسبب تدخل المعلمين بشدة للحيلولة دون خروج الذكور عن أدوارهم التقليدية، بينما يظهرون تساهلًا إلى حد ما مع الإناث عندما يخرجن عن أدوارهن التقليدية، ما يؤدي –في اعتقادهما- إلى شيوع صفات أدوار الذكورة أكثر من أدوار الأنوثة لدى كلا الجنسين.
وخلاصة القول إن خاصية المساواة في تطور الدور الجنسي من أهم الخواص التي يستند إليها أنصار التعليم المختلط في الدفع بأفضليته؛ تأسيسًا على أن يكون منطلق التربية المختلطة هو الاهتمام بتربية الإنسان دون التركيز على النواحي البيولوجية التي توجد فروقًا في طريقة التربية التي تتبع مع كل من أفراد الجنسين، وذلك على العكس من منطلق التربية المنفصلة والتي تركز على تلك النواحي البيولوجية، ومن ثم تتم تنشئة أفراد كلا الجنسين بما يتناسب والدور الجنسي التقليدي لكل منهم.

5- المساواة في الفرص التعليمية  Equality of educational opportunity
يرى ريوردان (Riordan,1990,p.46) أنه نظرًا لأن النساء استبعدن من نيل فرص التعليم لقرون فقد اعتبر التعليم المختلط بالنسبة لهن خطوة على الطريق لنيل وإكمال المساواة بين الجنسين.
يضيف تياك وهانسوت Tyach and Hansot,1990,p.104)) أنه فيما مضى كانت هناك فكرة حمقاء بأن دراسة المواد الدراسية نفسها معًا سوف يجعل النساء مسترجلات وخشنات والرجال أقل قوة وشجاعة، ولكن الحقيقة أنه من خلال قدراتهم وكفاءاتهم المتممة لبعضها فالبنون والبنات سوف يحسنون شخصية وعقلية بعضهم البعض، وطبقًا لهذا فإن مقررات الدراسة للجنسين في كل المراحل التعليمية يجب أن تكون متطابقة.
ولا يتوقف الأمر عند من يطرح هذه الميزة على المشاركة في كل المقررات المعروضة وكل الأنشطة خارج المنهج، بل والمشاركة في التسهيلات المدرسية والمشاركة في الخدمات والمساعدات المالية.
بينما يرد المعارضون (في ريوردان Riordan,1990,p.46-47-11) أنه بشكل يمكن تصوره فإن المدارس منفصلة الجنس لا تنكر المنافع المتساوية للبنين والبنات، وبشكل أبعد فإن تسهيلاتها ربما تكون "منفصلة لكن متساوية"، وعلى أية حال فالتعليم المختلط لا يضمن بالضرورة المنافع المتساوية، ولعل آخر النتائج حول خبرات التلميذات في المدارس المختلطة ذات الدعم التعليمي العالي هي أن المدارس المختلطة تفشل في الإمداد بفرص تعليمية متساوية لكل من الذكور والإناث، والناقدون له يحتجون بالقول إنه متساو فكريًا ونظريًا فقط ولكنه غير متساو في فعاليته.
كما أن هناك نتيجة من بحث هاو (Howe,1984) مفادها أن التعليم المختلط لا يعني تعليمًا متساوٍ للمرأة، وأنه حتى داخل المؤسسة الواحدة يتلقى الرجال مشاركة أكبر في المصادر، وكذلك يتلقون انتباهًا أكبر.
وفي ذلك يذكر ساندلر Sandler,1996,p.65)) أن القضية هي كيف يمكننا تحسين التعليم المختلط كي يصبح حقيقة مختلطًا؛ كي يستفيد منه النساء والرجال بشكل متساو.
ولعل في نتائج تلك الدراسات الأخيرة ما يوضح أن الاختلاط لا يكون متلازمًا بالضرورة مع المساواة في الفرص التعليمية التي يتلقاها الذكور والإناث، وربما كان نمط الانفصال في بعض الأحيان هو الذي يقدم تلك المساواة المنشودة كما يذكر أنصار التعليم منفصل الجنس.

6- المكاسب الاجتماعية لكلا الجنسين في المدارس المختلطة  Social benefits for both sexes
رغم أن أغلب المناقشة في الغرب حول التعليم المختلط والتعليم منفصل الجنس قد كانت في علاقتهما بالتحصيل في الفصل الدراسي إلا أن هناك من الدراسات ما ركزت على المكاسب الاجتماعية للتعليم المختلط، على سبيل المثال، في دراسة كندية عام 1982 قام بها كوتس وشنيدر Coutts and Schnider  وجدا أن التلاميذ قد لاحظوا المدارس المختلطة على أنها أكثر اجتماعية وتركيزًا على الجماعة، وأكثر ألفة، وممتعة، وأكثر تسامحًا مع غير المطيعين، وأكثر عفوية، كما أنها أكثر قدرة على التوصيل إلى الثقة بالنفس واحترام الذات من المدارس منفصلة الجنس.
كما يذكر تياك وهانسوت Tyach and Hansot,1990,p.101:103)) أن تزامل الجنسين يجعل البنين غير المهذبين أكثر لطفًا بينما تصبح البنات أقل خجلًا وتكلفًا للابتسام  وأكثر ثقة بالنفس وقوة في الشخصية، وكما يقول هاريس Harris  فإن التطور النفسي لكلا الجنسين يفيد من تواجدهما بصحبة الجنس الآخر.
وقد استنتج ديل (Dale,1974,p.273) على أساس بحثه وجود منافع اجتماعية عديدة ومؤثرة للتعليم المختلط، وأنها لم تكن على حساب التقدم الأكاديمي.
بينما تذكر العديد من الدراسات أن تلك المكاسب الاجتماعية للتعليم المختلط والتي تؤثر في تغير السلوك نحو الأفضل إنما تعود أساسًا على البنين وليس البنات؛ على سبيل المثال فقد أظهرت نتائج دراسات عديدة أن مستويات العدوان تنقص لدى البنين في المدارس المختلطة.
وفي دراسة أمريكية قام بها جونز وتومسون (Jones and Thompson,1981) وجدا أن سوء السلوك الفصلي للبنين قد نقص بواسطة سياسة التعليم المختلط، كما وجدت دراسات أخرى أنه بمقارنة البنين في المدارس المنفصلة للبنين، والبنين في المدارس المختلطة فقد وُجد أن بنين المدارس المختلطة أكثر رضا وارتياحًا مع زملائهم في الدراسة، كما أنهم يتصرفون بشكل أفضل.
المناصرون للمدارس منفصلة الجنس احتجوا أيضًا بأن ثقافة الشباب والأساس الجنسي في المدارس المختلطة يجعلها أساسًا بيئة تعليمية رديئة، وكنتيجة لذلك فإن التلاميذ حتى في المدارس الكاثوليكية المختلطة يتعلمون أقل ولديهم مخرجات سيكولوجية واجتماعية أقل تفضيلًا.
كما تضيف نادين بلاتو (Nadine Plateau,1995,p.55)  أنه في المدارس المختلطة لا تُذكر الألفاظ وحتى الاعتداء الجسدي على الفتيات من قبل الفتيان، ما يجعل الفتيات يشعرن بأنهن أدنى مكانة اجتماعية وأن الفتيان أعلى مكانة اجتماعية.
وهنا يعود مؤيدو التعليم المختلط من أمثال كامبل وستورو (Campbell and Storo,1996a, p.6) للتأكيد على أنه بعزل الفتيات بدلًا من التعامل مع المشكلة الحقيقية فنحن نؤكد بوسائل غير تربوية مناسبة أن:
أ-المعيار المقبول في سلوك الفصل الدراسي يُحدد بواسطة الطلاب الأكثر مشاكسة!
ب-سلوك الفتيات المناسب لكي يكون موجبًا، وبناءً عليه إجابة التلميذات لمشاكسة الفتيان ليس في الرد على مضايقاتهم أو باللجوء إلى السلطة بل بالانسحاب!
كما أن مثل تلك الفصول منفصلة الجنس إنما تعزز آراءً غير علمية مفادها أن:
أ-الطالبات رقيقات وكائنات ضعيفة لا يستطعن مجابهة البيئة القاسية للعالم الحقيقي.
ب-الطلاب لا سبيل إلى تقويمهم أو إصلاحهم.

في مقال تالٍ إن شاء الله نتناول وجهة النظر المعاكسة للتربويين الذين يرون أفضلية التعليم المنفصل لكلا الجنسين في ضوء مجموعة من الخصائص التي تتوفر فيه وتُفتقد في التعليم المختلط.