الجمعة، 14 يونيو 2019

181-نظرية الذكاءات المتعددة.. خطوة جديدة لبلورة مفهوم الموهبة والتعامل مع الموهوبين


نظرية الذكاءات المتعددة..
خطوة جديدة لبلورة مفهوم الموهبة والتعامل مع الموهوبين
د/ منى زيتون
ورقة عمل تمت المشاركة بها في مؤتمر
(استثمار الموهبة ودور مؤسسات التعليم "الواقع والطموحات")
الذي نظمته كلية التربية بجامعة الزقازيق- أبريل 2010م.
الجمعة 14 يونيو 2019
السبت 15 يونيو 2019



الملخص
       تتناول الورقة البحثية بالتوضيح مفهوم الذكاء منذ بدايته على يد بينيه، وكيف اختلفت نظريات الذكاء في الاعتراف بالقدرات الخاصة، وإمكانية تنمية الذكاء العام والعوامل الخاصة، ثم تتناول الورقة مفهوم الموهبة منذ بداية دراسات الموهوبين على يد تيرمان وكيف ارتبط منذ بدايته بمفهوم الذكاء، ثم تتطرق بالشرح والتوضيح لنظرية الذكاءات المتعددة (مفهوم الذكاء كما تنظر إليه النظرية وكيف يربط بين الذكاء بمفهومه التقليدي وبين الموهبة والإبداع- مبادئ نظرية الذكاءات المتعددة والتي يتضح منها الارتباط الذي أصبح يفترضه جاردنر بين الذكاء والموهبة- الذكاءات المتعددة التي أقرها جاردنر والتي حدد من خلالها صور الموهبة والإبداع البشري)، ثم تعرض الباحثة لمدخل الذكاءات المتعددة في التدريس، وكيف أمكن أن يغير من الواقع التربوي خاصة كأسلوب تعامل مع الموهوبين.
وأخيرًا، فإن هذه الورقة البحثية لم تسع إلى التفريق بين مفاهيم التفوق العقلي والعبقرية والموهبة والإبداع (الابتكار)، والتي تتصور الباحثة ضرورة إعادة تحديد تلك المفاهيم في إطار نظرية الذكاءات المتعددة.
مقدمة
       لقد كانت فكرة ارتباط الموهبة بالذكاء، أو بالأحرى التوحيد بين مفهوميّ الذكاء والموهبة فكرة قديمة اعتقد فيها كثير من السيكولوجيين، حيث أرجع الكثير من العلماء الموهبة إلى استعدادات في التكوين العقلي للفرد وسماته الشخصية. يذكر عبد الحليم محمود السيد (1971، ص 52) أن لفظ "عبقري" الذي نشأ أصلًا لوصف الشخص المتميز بانتاجه المبدع اُستخدم لوصف الطفل ذي الذكاء المرتفع جدًا. وكان ذلك في إطار النظرة التقليدية للذكاء على أساس كونه قدرة عقلية عامة، ولكن الأمر لم يسلم من وجود آراء معارضة رأت أن الموهبة لا تقتصر فقط على معامل الذكاء IQ، ومع ظهور نظرية الذكاءات المتعددة أعطت تعريفًا جديدًا لمفهوم الذكاء أو بالأحرى الذكاءات بحيث أصبح يُنظر إليها كمواهب عقلية قابلة للتنمية، بالإضافة إلى إسهام النظرية في تحديد مجالات الموهبة بدلًا من التصور القديم للموهبة الذي كان سائدًا في إطار نظريات العامل العام؛ ما أوجد حاجة ملحة لإعادة النظر في كلا المفهومين الذكاء والموهبة والعلاقة بينهما.
       كما كان من ثمار نظرية الذكاءات المتعددة ذلك المدخل التدريسي الجديد الذي يتم فيه تنويع الأنشطة التدريسية (الصفية والتقويمية) بما يتلاءم مع الذكاءات المختلفة، والذي أصبح يُعرف باسم مدخل الذكاءات المتعددة في التدريس، ذلك المدخل الذي أصبح طريقة جديدة للتعامل مع الموهوبين في مجالات الموهبة الثمانية، دون الحاجة إلى فصلهم في برنامج تعليمي خاص.
الذكاء
       تُرجع جولي فينس (Viens, 2000) وهُوار (Hoerr, 2000) وكارفن (Carvin, n.d.) بداية النظرة التقليدية للذكاء على أساس كونه قدرة عقلية عامة إلى عالم النفس الفرنسي ألفريد بينيه Alfred Binet  حين أعد وزميله تيودور سيمون Theodore Simon في بداية القرن العشرين اختبارًا لتحديد الأطفال الذين يُخشى عليهم من الفشل الدراسي وبحاجة لمساعدة إضافية في المدرسة، وكان الاختبار كفئًا لهذا الغرض، ثم اُستخدم الاختبار بعد ذلك كأساس للقياس النفسي للقدرات العقلية أو الذكاء العام للأفراد. ويرى تيلي (Teele, 2000, p. 3 as cited in Ashmore, 2003) فائدة هامة في مدخل القياس النفسي لبينيه وسيمون ذلك أنه أعطى تقديرًا كميًا وحيدًا للذكاء، بينما ترى فينس (Viens, 2000) أن أهمية هذا المدخل تتحدد في أن ذلك التقدير الكمي الذي أعطته اختبارات الذكاء قد حدد لنا كيفية تعريف الذكاء. يوضح كامفاس (Kamphaus, 1993, p. 23) تلك الفكرة بقوله إنه بالرغم من أن جهود بينيه في تطوير أول اختبار للذكاء كانت غالبًا عملية وتجريبية، فقد نظَّرت طبيعة الذكاء.
       وتعتبر نظرية العاملين لسبيرمان Spearman خطوة رائدة في استخدام طريقة التحليل العاملي للكشف عن الذكاء والقدرات العقلية المختلفة، حيث توصل سبيرمان باستخدام معادلة الفروق الرباعية إلى وجود عامل عام مشترك بين جميع الاختبارات العقلية يفسر الارتباط الجزئي الموجب بينها، وتتلخص هذه النظرية في أن كل عملية عقلية تتضمن عاملين: عامل عام يشارك في جميع العمليات العقلية؛ أي يشارك في العملية المعينة وغيرها، وعامل خاص أو نوعي يوجد في العملية المعينة بالذات ولا يوجد في غيرها من العمليات العقلية؛ أي أنه يختلف من عملية إلى أخرى، ويرى سبيرمان بهذا الشكل أن العامل العام هو أساس كافة العمليات العقلية، لذلك وحَّد بينه وبين الذكاء واستخدمه فعلًا بهذا المعنى وأطلق عليه الحرف (g) (إبراهيم وجيه، 1985، ص ص 84: 88؛ Smedler and Törestad, 1996, p.344). وبذلك يؤكد سبيرمان على وحدة النشاط العقلي وعدم قابليته للتجزئ، وقد عبر سبيرمان (في خليل معوض، 1979، ص 156) عن ذلك بقوله "إن جميع نواحي النشاط العقلي تشترك في وظيفة أساسية أو مجموعة من الوظائف في حين أن العناصر الأخرى الخاصة تختلف تمام الاختلاف في كل عملية عقلية عنها في غيرها من العمليات". ويشير عبد الرحمن عدس (1999، ص 48) إلى أنه وكنتيجة لمنظور سبيرمان في الذكاء اعتقد العلماء أن الشخص الذي يكون لديه نقص ملحوظ في الذكاء العام لا يمكن أن يكون موهوبًا في أي من المجالات الخاصة. كما يؤكد ماجد مومني (1987، ص 79) على الفكرة نفسها بقوله إن لكل شخص مقدارًا ثابتًا من الاستعداد العقلي العام يؤثر في درجة نجاحه في جميع العمليات العقلية التي يحاولها ابتداء من الإدراك الحسي إلى أرقى عمليات التفكير المجرد والابتكار، ولكن هذا الاستعداد العام لا يعمل وحده بل يوجد إلى جانبه استعداد نوعي لكل عملية خاصة، والنجاح في العملية الخاصة يتوقف على الاستعدادين معًا، كذلك اقترح سبيرمان (في فيليب فرنون ، ترجمة 1988، ص 72) أن العامل العام (g) يمثل الطاقة العامة التي تقوم بتنشيط الآليات المختلفة أو وسائل العقل المقابلة للعوامل الخاصة (s)، كما أنه يرى أن العامل العام يعد فطريًا أساسًا بينما العوامل الخاصة مكتسبة. ويرى كامفاس (Kamphaus, 1993, p. 23) أن سبيرمان بذلك يعد أول من عرض النظرية الهرمية في الذكاء Hierarchical Theory of Intelligence حيث يضع في نظريته (g) أو العامل العام في قمة الهرم لأنه القدرة العقلية الأساسية التي تكون مركزة في حل المشكلات، بينما تتطلب كل المهام المعرفية أيضًا عاملًا خاصًا أو (s).
       ونلاحظ إنكار سبيرمان وجود العوامل الطائفية –وإن اعترف مع مرور الوقت باحتمال وجود تلك العوامل إلا أنه لم يهتم بها (فؤاد أبو حطب، 1996، ص 76)-. كما لم يهتم كثيرًا بدراسة العوامل الخاصة، وإنما ركز نظريته على العامل العام الذي اعتبره هو نفسه الذكاء، حيث تشير ألفت حقي (1992، ص 88) إلى رأي سبيرمان أن فروق الذكاء بين الأفراد يحددها مقدار ما يمتلكه الواحد منهم من هذا العامل أو ما أسماه بالنشاط العقلي.
       ثم جاء ثورنديك Thorndike لينتقد نظرية سبيرمان بشدة، حيث لم يعترف أول الأمر بوجود العامل العام. وأدت أبحاث ثورنديك الأولى (1914) إلى قوله بأن عمل العقل ينبني على عدد كبير من القدرات المستقلة استقلالًا تامًا والمتخصصة تخصصًا كاملًا، ولذلك تبدو نظريته ذرية تقسم الذكاء إلى جزيئات أو قدرات عديدة تأخذ شكل الوصلات العصبية على النحو الذي وصفه في نظريته للتعلم، ولكن بسبب تشابه بعض العمليات العقلية في وظائفها وفيما تتطلبه من قدرات فقد رأى ثورنديك تجميع هذه القدرات في مجموعات متميزة وهي: الذكاء المجرد والذي يشمل القدرات العقلية التي تعالج الألفاظ والمعاني والعمليات الرمزية المختلفة، والذكاء العملي ويشمل القدرات التي تعالج الأشياء المادية والمواد العملية والتي تعتمد عليها الأعمال الفنية والميكانيكية واستخدام وإصلاح الآلات والأجهزة ونحو ذلك، والذكاء الاجتماعي ويشمل القدرات التي تعتمد عليها علاقة الفرد بالآخرين وحسن تكيفه مع الظروف الاجتماعية المختلفة. وربما كان ثورنديك بذلك هو أول من صنف الذكاء إلى أنواع متعددة، وكان ثورنديك يرى أن هذه الأنواع الثلاثة مستقلة عن بعضها نتيجة لاعتقاده بأن القدرات التي تتضمنها منفصلة من الأصل، فقد يكون الفرد على مستوى عال في الذكاء الاجتماعي ولكنه متوسط أو أقل من المتوسط في الذكاء المجرد أو الذكاء العملي، وقد يكون العكس صحيحًا، ولكن نظرًا لأن معاملات الارتباط بين نتائج الاختبارات التي تقيس بعض هذه النواحي ببعض كانت دائمًا موجبة؛ مما يعني وجود نوع من العلاقة بينها وأنها ليست مستقلة تمامًا، فإن ذلك دفع ثورنديك إلى أن يغير موقفه عام (1947) للبحث عن عامل عام تقوم عليه قدراتنا العقلية (سيد خير الله وآخرون، 1984/1985، ص ص 205: 208؛ إبراهيم وجيه، 1985، ص ص 89: 92؛ خليل معوض، 1979 ، ص ص 168: 170).
       ولا ينكر طومسون Thomson وجود العامل العام، وإنما يرى ضرورة تفسير الفروق في ضوء العوامل الطائفية، حيث يكون العامل عامًا بالنسبة لمجموعة مستخدمة من الاختبارات بحيث إذا أُضيف إليها عدد آخر من الاختبارات التي لا تشترك في هذا العامل العام فإنه يصبح طائفيًا، أما العامل العام فهو العامل العام بالنسبة للعقل، وهو صورة احتمالية يمكن أن يحدث لو توافرت الاختبارات التي تستغرق نواحي النشاط العقلي المعرفي جميعها (إبراهيم وجيه، 1985، ص ص 93-94؛ سيد خير الله وآخرون، 1984/1985، ص 208).
       وطومسون في ذلك ينتقد نظرية العاملين لسبيرمان في أنها تبالغ في إهمالها للعوامل الطائفية أكثر مما تبالغ في تأكيد وجود العامل العام، ويقرر طومسون اتباع النموذج العلمي للعقل البشري ليشمل العامل العام والعوامل الطائفية والعوامل الخاصة، ويوضح أن العوامل الطائفية أقل شمولًا من العامل العام وأكثر اتساعًا من العوامل الخاصة، وأنها الأساس الذي تقوم عليه القدرات الخاصة كالقدرة الموسيقية والقدرة الرياضية والقدرة الميكانيكية (خليل معوض، 1979، ص ص 170 – 171).
        كما كان لأصحاب نظرية العوامل الطائفية الأولية "القدرات العقلية الأولية" باعًا في دراسة الذكاء؛ إذ يفترض أصحاب هذه النظرية وجود عدد من العوامل الأولية التي تدخل بأوزان مختلفة في الاختبارات النفسية، بمعنى أن العامل العددي مثلًا قد يدخل بوزن مرتفع في اختبار العمليات الحسابية بينما يكون له وزن مختلف في اختبار الاستدلال ووزن أقل في اختبار تكملة الجمل.. وهكذا، وهم ينكرون وجود العوامل الخاصة، أما بالنسبة للعامل العام فقد كانت وجهة نظرهم الأولى أنه ليس له إلا أهمية بسيطة للغاية وكان ذلك استنتاجًا من بحث كيلي (Kelley, 1928). وتنسب هذه النظرية عادة لثرستون Thurston والذي اعتمد على منهج التحليل العاملي –الطريقة التي استخدمها سبيرمان وقادته للعامل العام- إلا أن عدم عثوره على ارتباط عام بين الاختبارات التي طبقها في دراساته الأولى أدى إلى إنكاره العامل العام في أول الأمر وتفضيله الاكتفاء بالعوامل الطائفية وحدها، لكن ثبت لثرستون نفسه بعد ذلك ولزملائه وجود ارتباطات عالية بين العوامل الطائفية، وفُسرت هذه الارتباطات العالية على أنها تدل على وجود صفة شائعة بين هذه العوامل أو عامل يجمع بينها هو عامل العوامل. وهذا هو المعنى الذي أعطاه ثرستون للعامل العام (إبراهيم وجيه، 1985، ص ص 94: 99؛ سيد خير الله وآخرون، 1984/1985، ص 209؛ خليل معوض، 1979، ص ص 174: 177). بناءًا عليه يذكر كامفاس (Kamphaus, 1993, p. 25) أن نظرية ثرستون لم تكن هرمية في طبيعتها كما كانت نظرية سبيرمان؛ ذلك أن الذكاء لديه يتكون على الأصح من عدد من العوامل المسماة بالقدرات العقلية الأولية، ومن ثم فإن أداء الفرد في مهمة معرفية محددة لم يكن وظيفة (g) و (s) أو قدرة معرفية خاصة متطلبة للمهمة، بل بالأحرى كان يتم عن طريق القدرات العقلية الأولية المتطلبة لإكمال ناجح للمهمة المعرفية.
       وقد وفق سيرل بيرت Burt بين الآراء السابقة في تنظيمه الهرمي للنشاط العقلي، حيث تقوم نظريته على أن أي نشاط عقلي يقوم به الفرد يمكن أن يعتبر محصلة ثلاثة مكونات هي: العامل العام والعوامل الطائفية والعامل الخاص النوعي، إضافة إلى عامل رابع هو عامل الصدفة والخطأ: ويشمل العوامل الداخلية التي تؤثر في الفرد عند قيامه بهذا النشاط العقلي مثل حالته الجسمية والمزاجية والانفعالية (سيد خير الله وآخرون، 1984/ 1985، ص ص 209-210).
       وتعددت بعد ذلك التنظيمات الهرمية للذكاء مثل التنظيم الهرمي عند فيليب فيرنون (Vernon, 1950)، والذي كان يرتكز على تصنيف القدرات إلى عامل عام أعلى الهرم وعوامل خاصة أسفله وبينهما مجموعة من العوامل الطائفية تتدرج من قدرات بسيطة أو صغرى بعد العوامل الخاصة إلى طائفية كبرى تسبق العامل العام في قمة الهرم (خليل معوض، 1979، ص 183؛ فؤاد أبو حطب، 1996، ص 96). وبذا يكون النموذج الهرمي لفيرنون أكثر تفصيلًا للقدرات العقلية؛ إذ بينما وضع العامل العام أو عامل المجموعة الأكبر في قمة الهرم، وبذا يكون متسقًا بشكل كبير مع تنظير سبيرمان، فقد تلاه بعامليّ مجموعة أصغر يتكونان من تشكيلتين: اللفظية/التربوية والمكانية/الميكانيكية داخلهما توجد عوامل خاصة متعددة للذكاء (Kamphaus, 1993, p. 23).
       ويوضح إبراهيم وجيه (1985، ص 100) بمزيد من التفصيل العوامل العام والطائفي والخاص، فيذكر أن العامل العام هو الذي يتسع في مداه ليشمل جميع الاختبارات التي تقيس نواحي النشاط العقلي المعرفي، وهو الذي يمكن أن نوحد بينه وبين الذكاء، والعامل الطائفي يمثل الصفة التي تشترك فيها مجموعة من الاختبارات التي تقيس بعض جوانب النشاط العقلي المعرفي ولا تشترك فيها بقية الاختبارات، أو بمعنى آخر أنها خاصة بطائفة معينة من النشاط العقلي المعرفي، أما العامل الخاص فهو يمثل قدرات ضيقة جدًا في انتشارها تمثل نشاط عقلي واحد تكون قاصرة على اختبار معين فحسب ولا توجد في الاختبارات الأخرى.
       وبالرغم من أن ديفيد وكسلر Wechsler قد أعد اختبارًا يعرض مقاييس لفظية وغير لفظية "أدائية" – لم تكن أساسًا مصممة لتقييم جانبية وظائف المخ وهو الاستخدام الذي شاع لها بعد ذلك- فإنه قد وضع أهمية كبرى للتركيز على تقييم الذكاء العام، وهو يعرض (1958) نظرة للذكاء تظهره كتفاعل معقد من القدرات التي تنتج السلوك الذكي الذي يعكس العامل العام (g) (Kamphaus, 1993, p. 26).
       أما كاتل Cattell فقد افترض وجود بنية هرمية للقدرات العقلية. وظلت أفكاره تنمو وتتطور وتتغير وتتعدل حتى نشر في عام 1963 دراسة حاسمة توصل فيها إلى نتيجة هامة وهي قابلية العامل العام (g) لسبيرمان إلى القسمة إلى عاملين من الدرجة الثانية. أطلق على أحدهما الذكاء السائل fluid (gf) ويتحدد بالاختبارات التي يفترض فيها أنها تقيس المقدرة البيولوجية biological capacity لدى الفرد على اكتساب المعرفة، بينما أطلق على الآخر الذكاء المتبلور crystallized (gc) ويتحدد بالاختبارات التي يفترض فيها أنها تقيس آثار التمدرس schooling والتثقيف acculturation . ويرى كاتل أن الذكاء المتبلور –على عكس الذكاء السائل- لا يتدهور مع التقدم في السن. كما أن التغيرات في نوعية التمدرس وغيرها من العوامل التي تسعى لتنمية الذكاء من خلال تطوير خبرات التعليم والتطبيع تؤثر في هذا النوع من الذكاء أكثر من الذكاء السائل (فؤاد أبو حطب، 1996، ص ص 102- 103). ويمكن القول إن أهمية بحث كاتل تكمن في أنه وجد أن أفكار سبيرمان عن العامل العام وأفكار ثرستون عن القدرات العقلية الأولية لم تكن متناقضة، ومن ثم فقد اقترح نظريته للتوفيق بين النظريتين؛ فالذكاء السائل (gf) في نظرية كاتل يشبه العامل العام لدى سبيرمان حيث يؤثر على كل أنواع حل المشكلة، ويتأثر أكثر بالعوامل الوراثية، وعلى حد تعبيره (1979) "إنه يتدفق مع تعبير غير مقيد في كل مجالات إدراك العلاقة"، بينما يكون الذكاء المتبلور (gc) متعلقًا بنطاق محدد من الخبرة التي تعلمها أو خبرها الفرد بشكل خاص (Kamphaus, 1993, p. 26).
       بينما ركز جيلفورد (J. P. Guilford, 1967) (في مصري حنورة، 1997، ص ص 46- 47) في نموذجه للبناء العقلي على أن الذكاء ينبغي أن يُرى كنتاج 150 عملية عقلية (5 عمليات × 6 منتجات × 5 محتويات)، وعرَّف أكثر من 90 قدرة عقلية مختلفة. وقد طور جيلفورد هذا النموذج فيما بعد، وفي آخر مؤلَف له، نُشر سنة 1979، أشار إلى أن البناء العقلي يتضمن 120 عملية عقلية (5 عمليات × 6 منتجات × 4 محتويات). يذكر فؤاد أبو حطب (1996، ص 78) أن جيلفورد قد استطاع أن يثبت احتمال الحصول على معاملات ارتباط صفرية أصيلة بين الاختبارات العقلية، وفي هذا برهان كاف –في رأيه- على عدم وجود العامل العام. حيث يقرر جيلفورد (Guilford, 1977, p.153) (في مصري حنورة، 1997، ص 47) أن معامل الذكاء IQ الذي يرى البعض أنه يقدم تقريرًا شاملًا عن ذكاء الفرد لا يستطيع أن يمدنا وبشكل دقيق بصورة تفصيلية شاملة تغطي كل الاستعدادات أو المواهب العقلية والتي تصل إلى 120 وحدة عقلية، تشير كل منها إلى جانب من جوانب البناء العقلي، كما ذكر أنه من الأفضل أن نقدم للشخص بروفيلًا يحتوي على درجاته في مختلف الاستعدادات المائة والعشرين، حيث قد يكون الشخص متفوقًا في استعدادات ومتخلفًا في أخرى.
       وخلال العقود الأخيرة قدم العديد من المنظرين رؤى حديثة أكثر تطورًا واختصارًا من تصور جيلفورد للبناء العقلي، وتتفق في أنه توجد أنواع مختلفة من الذكاءات، من أمثال هؤلاء هوارد جاردنر Howard Gardner الذي قدم نظرية الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences عام 1983 في كتابه "أشكال من العقل.. نظرية الذكاءات المتعددة" "Frames of Mind.. The Theory of Multiple Intelligences"، والذي بدت فيه نظريته مختلفة تمامًا عن النظريات العاملية؛ حيث جاءت نظرية جاردنر لتوسع تلك النظرة التقليدية للذكاء، ولتؤكد على أن كل الناس يمتلكون ثمانية أنواع منفصلة من الذكاء (ذكاء لفظي- ذكاء منطقي/رياضي–  ذكاء بصري/مكاني–  ذكاء جسمي/حركي–  ذكاء موسيقي–  ذكاء طبيعي–  ذكاء تفاعلي–  ذكاء شخصي). وبذلك نجده يرفض فكرة أن الذكاء هو قدرة مفردة أو أنه مركب من قدرات منفصلة! ولأول مرة تتحول كلمة الذكاء إلى جمع فتصير ذكاءات، كما أنه لأول مرة يُضمِّن جاردنر نطاقات مثل الموسيقى والقدرات الحركية وقدرة الشخص على فهم ذاته ضمن مفهوم الذكاء؛ ذلك أن جاردنر قد تنبه أخيرًا أن الناس قد يكونون أذكياء في نطاقات عديدة، ويظهر ذلك فيما يستطيعون أن يقوموا به في الحياة، في حين أنه يكون من الممكن ألا يكونوا ناجحين في الدراسة الأكاديمية، كما تنبه أيضًا إلى أن تلك الذكاءات ليست ثابتة، وأنه يمكن تنميتها من خلال التعلم والتدريب.
الموهبة "الإبداع"
       منذ بداية القرن العشرين، عندما طور بينيه اختباره للذكاء الذي عرف فيما بعد باسم ستانفورد بينيه، من أجل تحديد درجة ذكاء الأطفال، أصبح هذا الاختبار من أهم الأدوات التي تستخدم للتعرف على الموهوبين. واستمرت درجات الذكاء كجزء من تعريف الموهوبين والكشف عنهم حتى وقتنا الحاضر، مع الاختلاف فقط في تحديد الدرجة الحدية التي تستخدم في تحديد الموهوبين.
       هذا وقد بدأت دراسات التعرف على الموهوبين بالدراسة الطولية الرائدة التي قام بها تيرمان (1925)، حيث طبق اختبار ستانفورد بينيه واختبار ذكاء جمعي على عينة بلغت 250 ألف تلميذ وتلميذة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية. واختار التلاميذ الحاصلين على درجة 140 فأكثر من تلاميذ المرحلة الابتدائية، والحاصلين على 135 فأكثر من تلاميذ المرحلة الإعدادية، والذين بلغ عددهم 1500 تلميذ وتلميذة، وسمى هؤلاء المتفوقين في الذكاء بالعباقرة. على أن كثيرًا ممن حصلوا على درجات عالية في الذكاء في دراسة تيرمان لم يحققوا نجاحًا متميزًا في الحياة ولم يقدموا إسهامات مهمة للمجتمع، وبذلك لم يتحقق لديهم الأداء المتميز الذي يستحقون بموجبه وصف العبقرية (عبد الله النافع وآخرون، 2000، ص ص 12-13).
       وبالرغم من ذلك فقد كانت هناك ثقة شديدة في مفهوم الذكاء التقليدي وإجراءات قياسه، تلك الثقة التي جعلت "تيرمان" يتحدى بعمله الرائد، علماء النفس والتربية والاجتماع أن ينتجوا إن استطاعوا مفهومًا آخر بذات القدر من الكفاية التي لمفهوم "نسبة الذكاء" لتحديد مجموعة من الموهوبين تشتمل على أكثر الطلبة نجاحًا وأحسنهم أداءً في مجال الدراسة، وكذلك –كما كان يعتقد- في مجال العلاقات الإنسانية، وأنواع النشاط الإنساني بوجه عام. هذه الثقة الشديدة في اختبارات الذكاء التقليدية التي تبين أنها لا يمكنها أن توضح جوانب هامة من الامتياز لدى كثير من الأفراد الموهوبين (عبد الحليم محمود، 1971، ص 62).
       على أن حصر الموهبة بالذكاء وحده وجد اعتراضات لدى عدد من الباحثين منذ نشر دراسة تيرمان. فقد دعا وتي (1940) إلى توسيع تعريف الموهبة بحيث لا تقتصر على الدرجة المرتفعة من الذكاء العام فقط، وذلك ليشمل "أي طفل لديه أداء متميز في أي مجال من مجالات الحياة بشرط أن يكون هذا الأداء مستمرًا ومثمرًا". وقد اقترح هذا التعريف الموسع لشعوره بأن اختبارات الذكاء لا تستطيع أن تكشف بكفاءة عن التلاميذ الذين لديهم استعدادات وإمكانيات في التعبير والإنتاج الابتكاري (عبد الله النافع وآخرون، 2000، ص 13).
       وأيدت بحوث جيلفورد ومعاونيه (في عبد الحليم محمود، 1971، ص ص 54- 55) وجود قدرات إبداعية مستقلة عن القدرات العقلية التي تقيسها اختبارات الذكاء، وخاصة بعد ظهور عوامل القدرات الإبداعية –كالأصالة، والمرونة التلقائية والتكيفية، والحساسية للمشكلات والطلاقة- مستقلة عن القدرات التي تمثلها اختبارات الذكاء العام –كالفهم والاستدلال-.
       حيث أثبتت الدراسات العاملية لجيلفورد وجود عدد كبير من القدرات التي تسهم في الأداء الإبداعي. يذكر إحسان آدم الطيب وعبد الرحيم دفع السيد (2007، ص ص 55: 59) أنه بالنظر إلى مقياس تورانس (Torrance, 1966) ونموذج بنية العقل لجيلفورد Guliford الذي افترض فيه أن للتفكير التشعيبي (التباعدي) قدرات معينة، وأيضًا بالنظر إلى اختبارات جيلفورد نجد أنها ركزت على المهارات الآتية:
1- الطلاقة Fluency: وتشير هذه المهارة إلى قدرة الفرد على إنتاج أكبر عدد من الأفكار عن موضوع ما في فترة زمنية معينة. وللطلاقة أنواع نذكر منها الطلاقة اللفظية والطلاقة الفكرية وطلاقة الأشكال والطلاقة الترابطية والطلاقة التعبيرية.
2- المرونة Flexibility: وتشير إلى قدرة الفرد على تغيير تفكيره بتغير الموقف الذي يمر فيه بحيث تصدر منه استجابات متعددة لا تنتمي إلى فئة واحدة، أي أن يسلك الفرد أكثر من مسلك للوصول إلى جميع الأفكار أو الاستجابات المحتملة. والمرونة نوعان مرونة تكيفية ومرونة تلقائية.
3- الأصالة Originality: وتشير هذه المهارة إلى قدرة الفرد على إنتاج أفكار أو حلول جديدة غير مألوفة للمشكلة، أي أن الفرد الذي يتصف بهذه المهارة لا يكرر أفكار الآخرين.
4- التفاصيل Elaboratic: وتشير هذه المهارة إلى قدرة الفرد على إعطاء إضافات وزيادات جديدة لفكرة معينة.
5- الحساسية للمشكلات Sensitivity to problems: تشير هذه المهارة إلى قدرة الفرد على سرعة إدراك ما لا يدركه غيره في الموقف المعين من مشكلات أو جوانب ضعف.
       ويذكر جيلفورد (Guilford, 1957) (في عبد الحليم محمود، 1971، ص 53) "أنه إذا نظرنا إلى نوع التفكير الذي تستثيره اختبارات الذكاء التقليدية نجد أن معظم المشكلات الموجودة في هذه الاختبارات تتطلب تفكيرًا التقائيًا (تقريريًا) (تقاربيًا)، تعد فيه نتيجة معينة –أو إجابة بعينها- هي الإجابة الوحيدة الصحيحة، وعلى التفكير أن يصب في مسار هذه الإجابة وفي اتجاهها، أما التفكير الإبداعي فهو في أساسه افتراقي (تغييري) (تباعدي)، ويتميز ببحث وانطلاق في اتجاهات متعددة". ففي حين يكون الشخص في إجابته على اختبارات الذكاء غير مطالب بالتحديد أو التأمل أو الاختراع أو الإتيان بحل ظريف، بل يُحتمل أن يصحح الحل –إذا كان طريفًا- على أنه خطأ، يتميز التفكير الإبداعي بالتعامل بطرق ابتكارية طريفة مع الرموز اللغوية والرقمية وعلاقات الزمان والمكان، وهو ما غفلت عنه اختبارات الذكاء الشائعة.
       ومع ذلك يرى شتاين Stein (في عبد الحليم محمود، 1971، ص 63) أن هناك مستوى معينًا من الذكاء بمفهومه التقليدي يلزم للإبداع، لكن توافر هذا المستوى من الذكاء لدى شخص معين لا يعني أنه سيصبح مبدعًا، لأنه ليست العبرة بما نملك، وإنما بما نعمل بهذا الذي نملكه.
       وهكذا بقي الخلاف قائمًا في تحديد علاقة الذكاء بالموهبة والقدرة على الإبداع والابتكار، ما بين آراء تنظر للذكاء على أنه لا يمثل إلا جزءًا من النشاط العقلي، ومن ثم يتميز عن الموهبة والابتكار، وآراء ترى أن الذكاء هو العامل الأساسي المشترك في تفسير كل أوجه النشاط العقلي؛ ومن ثم يجب استخدام معامل الذكاء في التعرف على الموهوبين، ويمكنني القول إنه دائمًا قد شمل مفهوم الموهبة الفئات الثلاث الآتية:
Øالأفراد الذين يحصلون على درجات مرتفعة في اختبارات الذكاء التقليدية –مع الاختلاف في تحديد الدرجة الحدية- والتي تركز في أسئلتها على قياس الذكاءين اللفظي/اللغوي والمنطقي/الرياضي.
Øالأفراد الذين يستطيعون إعطاء أفكار وحلول جديدة في المواقف، ويحصلون على درجات مرتفعة في اختبارات التفكير الابتكاري.
Øالأفراد الذين يظهرون تميزًا في أي من القدرات الخاصة كالقدرة الموسيقية والقدرة الميكانيكية، حتى مع عدم حصول هؤلاء الأفراد على درجات مرتفعة في أي من اختبارات الذكاء أو اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري.
       واستمر الوضع كذلك حتى ظهور نظرية الذكاءات المتعددة؛ التي غيرت النظرة إلى الذكاء، حيث يمكن القول إن فكرة إعادة النظر في الذكاء وتعدديته التي أوجدتها نظرية جاردنر قد ساعدت على إعادة تعريف الموهبة أو تعدد المواهب في ضوء تعدد الذكاءات.
نظرية الذكاءات المتعددة
       في عام 1979 طلبت مؤسسة برنارد فان لير الهولندية The Bernard Van Leer Foundation من جامعة هارفارد Harvard University القيام بإنجاز بحث علمي يستهدف تقييم وضعية المعارف العلمية المهتمة بالإمكانات الذهنية للإنسان، وإبراز مدى تحقيق هذه الإمكانات واستغلالها. في هذا الإطار بدأ فريق من الباحثين من ذوي الاختصاصات المتنوعة في دراسات استغرقت عدة سنوات، وهكذا تم البحث في مجالات التاريخ الإنساني والفلسفي وعلوم الطبيعة والعلوم الإنسانية، إضافة للقاءات دورية تناولت قضايا تتعلق بمفهوم النمو في مختلف الثقافات البشرية.
       وكان هوارد جاردنر Howard Gardner واحدًا من هذا الفريق البحثي بصفته أستاذًا لعلم النفس التربوي، ومن المهتمين بدراسة مواهب الأطفال وأسباب غيابها لدى الراشدين الذين حدثت لهم بعض الحوادث التي تسببت في إحداث تلف بالدماغ (أحمد أوزي، 2003) (Gardner,2003). وقد لاحظ جاردنر شيئًا مختلفًا؛ إذ لم يكن مُفسرًا من خلال نظرة القياس النفسي للذكاء حيث ذكر: "إن الفرصة اليومية للعمل مع الأطفال والبالغين الذين لديهم ضرر بالمخ طبع في ذهني حقيقة واحدة عن الطبيعة الإنسانية وهي: أن الناس لديهم مدى واسع من القدرات، وأن قوة الإنسان في نطاق واحد من الأداء لا تتنبأ بأي قوة في نطاق آخر" (Viens, 2000).   
       وكان على هوارد جاردنر أن يكتب كتابًا عما توصل إليه عن المعرفة البشرية خلال الاكتشافات في العلوم السلوكية والبيولوجية، وكان هذا الكتاب الذي نُشر لأول مرة عام 1983 هو "أشكال من العقل.. نظرية الذكاءات المتعددة" "Frames of Mind.. The Theory of Multiple Intelligences"  ومن هنا وُلدت نظرية الذكاءات المتعددة. وقد ضمّن جاردنر في كتابه الأول سبعة ذكاءات منفصلة هي: الذكاء اللفظي/اللغوي- الذكاء المنطقي/الرياضي–  الذكاء البصري/المكاني– الذكاء الجسمي/الحركي– الذكاء الموسيقي– الذكاء التفاعلي– الذكاء الشخصي. ويذكر جاردنر (Gardner, 2003) أنه في عاميّ 1994و 1995 قام بمراجعة الأدلة على وجود ذكاءات جديدة مما جعله يضيف ذكاءً ثامنًا جديدًا إلى قائمة ذكاءاته والذي كان الذكاء الطبيعي، كما كانت تلك الفترة هي بداية التفكير في الذكاء الوجودي –لم يتم ضمه بعد إلى قائمة الذكاءات-.
       ومنذ نشأتها حملت تلك النظرية اختلافًا كبيرًا عما قبلها فلم يصبح يدور الحديث حول "إلى أي حد أنت ذكي" بل تحول إلى "في أي مجال أنت ذكي" It is not how smart you are.. It is how you are smart! (McKenzie, 1999b).
الذكاء Intelligence -كما تنظر إليه نظرية الذكاءات المتعددة-:
       تضع نظرية الذكاءات المتعددة تعريفًا واسعًا للذكاء، فيعرفه جاردنر (Gardner, 1983 as cited in Kallenbach and Viens, 2001; Gardner, 1983 as cited in Torff and Gardner, 1999, p.140; Gardner, 1983 as cited in Tapping into Multiple Intelligences page, n. d.; Gardner, 1997 in Chekley, 1997; Gardner as cited in McKenzie, 1999a) وجاردنر وهاتش (Gardner and Hatch, 1989 as cited in Brualdi, 1996) بأنه "القدرة على حل المشكلات أو تكوين المنتجات التي تكون ذات قيمة في ثقافة أو أكثر"، كما يذكر جاردنر (ترجمة محمد العقدة، 1997، ص 396) أن الذكاء هو قدرة سيكولوجية (نفسية) وبيولوجية (حيوية) كامنة، وأن هذه القدرة الكامنة يمكن أن تتحقق بدرجات متفاوتة نتيجة عوامل خبراتية وثقافية ودافعية تؤثر على الفرد.
       وحديثًا عدّل جاردنر (Gardner, 1999, p.34) تعريف الذكاء ليصبح كالآتي: "هو إمكانية نفس حيوية لمعالجة المعلومات، التي يمكن تنشيطها في بيئة ثقافية؛ لحل المشكلات، أو ابتكار المنتجات ذات القيمة في ثقافة ما".
       إن تعريف الذكاء على أنه القدرة على حل المشكلات ليس إسهامًا جديدًا في علم النفس المعرفي يحسب لجاردنر، لكن بالرغم من ذلك فقد ساهمت نظريته في إيضاح هذا التعريف؛ ذلك أنه كثيرًا ما كان يوجه النقد إليه. يذكر سيد خير الله وآخرون (1984/1985، ص 203) "أن هذا التعريف يفترض وجود علاقة بين الذكاء والقدرة على حل المشكلات، رغم أنه لا توجد في الحقيقة قدرة واحدة تقوم بحل جميع أنواع المشكلات، والقدرة على حل مشكلة خاصة تتضمن عوامل خاصة بالمشكلة التي يُراد حلها، وعلى ذلك تختلف القدرة على حل مشكلة رياضية عن القدرة على حل مشكلة بإجراء عملية جراحية. وبصورة عامة يوجد عدد من القدرات قدر ما يوجد من مشكلات". ولقد كان هذا بالطبع النقد الذي وُجه لهذا التعريف في ضوء الاعتقاد بأن الذكاء هو قدرة عامة، لكن من خلال منظور جاردنر للذكاءات المتعددة لا يوجد أي تعارض.
كيف يختلف الذكاء في ضوء هذه النظرية عن التعريف التقليدي للذكاء؟
· تعريف جاردنر يجعل الذكاء في حل مشكلات العالم الحقيقي وصنع المنتجات، فنظرية الذكاءات المتعددة تقوم على فهم كيف تؤثر ذكاءات الناس حقيقة، فهي تضع الذكاء في وضعية ما يستطيع الناس عمله.
· يقترح هذا التعريف تعبيرًا كيفيًا ووصفيًا لمجموعة ذكاءات الفرد أكثر منه تعبيرًا كميًا للقدرة المتكاملة، وهو في ذلك يخالف درجات الذكاء التي يتم الحصول عليها من اختبارات معامل الذكاء (Viens, 2000).
· لأول مرة نجد تعريفًا للذكاء يركز على صنع المنتجات وابتكارها، حيث كانت كل التعريفات السابقة للذكاء تركز على حل المشكلات فقط. وإذا كان موراي وجلفن (Murray & Glivn, 1959) (في إحسان آدم وعبد الرحيم دفع، 2007، ص 31) يعرفان الإبداع بأنه العملية التي ينتج عنها حدوث مركب جديد ذو قيمة، فإننا نرى في تعريف جاردنر للذكاء ما يمثل محاولة للتقريب بين مفهوم الذكاء ومفهوم الموهبة والإبداع. أو لنقل إن تعريف جاردنر يوحد بين مفهوميّ الذكاء والإبداع، أو لعله يوضح فكرة تعددية الإبداع؛ فكما أن الذكاء متعدد فالإبداع أيضًا متعدد، وقديمًا ذكر جيلفورد (Guilford, 1965) أنه لا ينبغي أن ننخدع بوجود إصطلاح واحد يعبر عن الإبداع مما يوهم بأنه يشير إلى شيء واحد، إذ لا يوجد شخصان مبدعان بالطريقة نفسها، فبالإضافة إلى الفروق في درجة ما لدى الأفراد من عوامل الإبداع –في المجال الواحد من مجالات النشاط- توجد فروق كيفية في نوع النشاط. كما لاحظ بيرت (Burt, 1962) أنواعًا من العبقرية مختلفة باختلاف المجالات التي يتجلى فيها السلوك الإبداعي.
· الذكاء هو مصطلح لتنظيم ووصف القدرات الإنسانية في علاقتها بالسياقات الثقافية التي تتطور فيها هذه الذكاءات وتستخدم وتعطى معنى (Torff and Gardner, 1999, p.218). فلأول مرة في تعريف للذكاء نجد تركيزًا على تقدير الذكاء في ثقافات مختلفة اعتمادًا على احتياجات الناس الاجتماعية والاقتصادية، فجاردنر يرى ذكاءاته كإمكانيات محتملة عصبية، والتي سوف تنشط أو لا تكون نشطة، اعتمادًا على قيم ثقافية محددة والفرص المتاحة في تلك الثقافة والقرارات الشخصية التي يقوم بها الأفراد والمحيطون بهم. يسوق جاردنر (Gardner,1991 as cited in Carlson-Pickering, 2001) أمثلة على ذلك.. ففي المدارس القديمة كان يتعين على الأفراد أن يحفظوا عن ظهر قلب نصوصًا هامة –دائمًا دينية- إن تلك الأنماط من المهام تكون دليلًا على الحاجة لاستخدام ذكاء الفرد اللغوي، المثال الثاني يضربه جاردنر من غرب أفريقيا حيث توجد مدارس تدرس التلاميذ الممارسات التي سوف يحتاجونها لأداء الطقوس الاحتفالية الأولية وكذلك الحِرف ذات القيمة في مجتمعهم، وأخيرًا فإن التلاميذ في جنوب البحار يجب أن يحفظوا عن ظهر قلب مقادير ضخمة من المعلومات عن النجوم من أجل أن يكونوا قادرين على أن يبحروا في المحيط بأمان.
وترى الباحثة في اهتمام جاردنر بأثر السياق الثقافي الذي يحيا فيه الفرد على الذكاء محاولة أخرى للتقريب بين مفهوم الذكاء ومفهوم الموهبة والإبداع؛ حيث أنه إذا كانت هذه هي المرة الأولى التي يُشار فيها إلى ذلك الأثر في تعريف الذكاء، فقد سبق وأن أشير إليه في الحديث عن الإبداع، حتى بالنسبة لإبداع فرد بذاته. يذكر عبد الحليم محمود (1971، ص 64) أنه يلاحظ أن الأعمال الإبداعية –علمية كانت أو فنية- التي تصدر عن فرد مبدع في ظروف معينة قد تختلف كثيرًا في جوانب الإبداع الأساسية عن أعمال أخرى صدرت عن الشخص نفسه في ظروف أخرى.
وتعلق هولمز (Holmes, 2002) على تعريف جاردنر: إن الذكاء هو طريق التعلم لفهم العالم الذي نحيا فيه. الذكاءات أيضًا هي الوسائل التي من خلالها نظهر ما نعرفه، فمن خلالها نحل المشكلات ونساهم في العالم على اتساعه.
مبادئ النظرية
       من خلال كتابات جاردنر على سبيل المثال..(Gardner, 1997 in Chekley, 1997; Gardner, 1996 as cited  in koch, 1996; Gardner, 2001; Gardner, 2003)  وكتابات غيره من علماء النفس (Brualdi, 1996; McKenzie, 1999a; Morris, 2003; Multiple Intelligences for Adult Literacy and Education page, n. d; Tapping into Multiple Intelligences page, n. d.; Torff and Gardner, 1999, pp. 152-153; Viens, 2000)  وإسماعيل الدرديري ورشدي فتحي (2001، ص 81) ومحمد الشيخ (1999، ص 284) تحدد الباحثة المبادئ الأساسية لنظرية الذكاءات المتعددة في:
·  الذكاءات متعددة، وليس الذكاء قدرة واحدة عامة أو مكونة من تجمع قدرات منفصلة.
·  هذه الذكاءات تحدد الجنس البشري، فهي عالمية.
· كل الناس يمتلكون الذكاءات الثمانية، أو على حد قول جاردنر (Gardner,2003) "الذكاء صفة مميزة لكل البشر". ولا يوجد أحد يستخدم ذكاءً واحدًا فقط فنحن جميعًا نستخدم كل منها في حياتنا اليومية.
·  أي من تلك الذكاءات الثمانية ليس أفضل من الذكاءات الأخرى، وكل ذكاء له مجاله الخاص من الخبرة.
· لدى كل شخص تكوين فكري مختلف، فالذكاء بعد يختلف على أساسه البشر –مثل بصمات الأصابع-، من ثم فإن كل الأفراد يختلفون في بروفيلاتهم الخاصة للقوى والعيوب العقلية، ولا يوجد اثنان –حتى التوائم المتماثلة- يمتلكان بروفيل الذكاءات نفسه في لحظة نفسها، فنحن لا نملك القوة نفسها في نطاق الذكاء نفسه ولا نملك المزيج نفسه من الذكاءات، مما يعني أن الفروق لا تكون بين الأفراد فقط Inter-Individual بل في الفرد ذاته أيضًا Intra- Individual. ولابد أن تكون لدى كل شخص ذكاءات مرتفعة وأخرى ضعيفة. وهذا الرأي يماثل ما لاحظه عبد الحليم محمود (1971، ص 65) من أن القاعدة –وليس الاستثناء- أن يكون لدى الشخص المبدع قدرات إبداعية معينة مرتفعة، وقدرات أخرى منخفضة، أما الشخص الذي تكون قدراته الإبداعية جميعها تقريبًا مرتفعة مثل ليوناردو دافنشي إنما يمثل استثناءً نادرًا.
·  تقع هذه الذكاءات في أماكن مختلفة من المخ، أي أنها منفصلة تشريحيًا عن بعضها البعض.
· هذه الذكاءات تكون مستقلة نسبيًا؛ فهي مستقلة لعدم ارتباط أي قدرة بوضوح بالقدرات الأخرى، فمعرفة قوة أو ضعف أي فرد في نطاق ذكاء ما لا يمكن أن يكون منبئًا بالقوة أو الضعف في نطاق ذكاء آخر، لكن استقلالها مع ذلك يكون نسبيًا؛ حيث يدعي جاردنر أنها نادرًا ما تعمل وتحدد أثرها بشكل مستقل. على الأصح فإنها تكون مستخدمة بتزامن وبنموذجية وتكمل كل منها الأخرى عندما يطور الأفراد المهارات أو يحلون المشكلات التي تواجههم على أرض الواقع، فاستقلالها التشريحي لا يكون مانعًا للتبادل والمشاركة بل يجعلها تعمل في تناغم لإنتاج ما يمكن تسميته بالسلوك الذكي في الحياة. وترى الباحثة أن رؤية جاردنر للذكاءات باعتبارها قدرات مستقلة تشريحيًا في المخ تعمل بشكل مترابط متكامل يعني أنه يتفق ضمنًا وما ذكره ثورنديك من أن الروابط العصبية بين أجزاء المخ لها دور هام في تحديد مستوى الذكاء.
· الفروق الفردية في الذكاءات تكون نتاجًا مشتركًا لكل من العوامل الوراثية والخبراتية، وفي ذلك يتفق جاردنر في الرأي الذي يفترضه تقريبًا كل الباحثين؛ فخبرات الإنسان تؤثر في الدرجة التي يمكن التعبير بها عن كل ذكاء مثلما تؤثر العوامل الوراثية، فقد يكون لديك أفضل مورثات في العالم لكن إذا لم تتعرض لخبرات موسيقية فإن ذكاءك الموسيقي لن يتطور، كما أنه بينما تكون ذكاءات خاصة متطورة لدى العديد من الأشخاص في ثقافة ما.. لا تكون تلك الذكاءات نفسها متطورة لدى الأفراد في ثقافات أخرى؛ ذلك أن المجتمعات تقدر أنماطًا مختلفة من الذكاءات. بناءً عليه، تضيف هذه النظرية عاملًا ثالثًا رئيسيًا مسهمًا في نمو الذكاء وهو الخلفية الثقافية والتاريخية للفرد، والتي تضم المكان والزمان الذي نشأ فيه الشخص وطبيعة التطورات الثقافية أو التاريخية وحالتها في المجالات المختلفة.
·  يجب أن يُفسر الذكاء الإنساني في علاقته بالسياق الثقافي المحيط، فذكاءاتنا تعكس طرقًا مختلفة للتفاعل مع العالم.
·  كل ذكاء يتضمن قدرات فرعية أو مظاهر مختلفة.
· باستطاعة كل فرد أن يعبر عن كل ذكاء بأكثر من طريقة، على سبيل المثال فإن كون الفرد أميًا –لا يستطيع القراءة- لا يعني أنه ليس باستطاعته رواية القصص، فكلاهما طريقتان مختلفتان تعبران عن الذكاء اللغوي.
· هذه النظرية لا تقصي أو تستثني أفرادًا، بل تسمح لكل الناس بالمشاركة في المجتمع من خلال قواهم الخاصة وتمنحهم الفرصة كي يكونوا مبدعين.
· يمكن لهذه الذكاءات أن تُنمى وتقوى أو تُتجاهل وتضعف، ويتوقف هذا على توفر الدوافع لدى الفرد والتشجيع/التثبيط من المحيطين به وتوفر/عدم توفر التدريب المناسب، وعليه فإن بروفيل ذكاء الفرد يكون قابلًا للتغير، فنحن نستطيع جميعًا أن نُحسن كل الذكاءات، رغم أن بعض الناس تتحسن بسهولة (بسرعة) في نطاق ذكاء أكثر من الذكاءات الأخرى؛ إما لأن الحياة أعطتهم عقلًا أفضل في ذلك الذكاء أو لأن ثقافتهم أعطتهم معلمًا أفضل.
·  معرفة الفرد ببروفيل ذكائه تصل به لمستوى أفضل من الفهم أو لمستوى أعلى من المهارة.
· بما أن الناس جميعًا ليس لديهم الاهتمام والقدرات نفسها فنحن لا نتعلم بالطريقة نفسها، كما أن العصر الذي نعيشه لا يمكن أن يتعلم الفرد فيه كل شيء يمكن تعلمه.
· يمكن أن نُحسن التعلم بمخاطبة الذكاءات المتعددة لتلاميذنا عن طريق تفهم الأساليب المتنوعة التي يمكن أن يتعلموا بها وأن نحترم اختلافاتنا، لأن مجموعة ذكاءات كل تلميذ تحدد إلى أي مدى تكون السهولة أو الصعوبة للتلميذ ليتعلم المعلومات عندما تُقدم في نسق تعليمي معين، ويمكننا إيجاد العديد من الأنساق التعليمية في الفصل الدراسي الواحد.

الذكاءات المتعددة Multiple Intelligences  التي أقرها جاردنر
       اعتمادًا على عدد من المحكات.. توصل جاردنر (Gardner, 1983) إلى وجود سبعة ذكاءات إنسانية ضمنها بالشرح والتوضيح في كتابه الأول الذي عرض فيه نظريته "أشكال من العقل.. نظرية الذكاءات المتعددة" "Frames of Mind.. The Theory of Multiple Intelligences" ، ثم عاد جاردنر وأضاف بعد ذلك ذكاءً ثامنًا إلى قائمة الذكاءات بعد أن تأكد من انطباق المحكات الثمانية عليه، وكان ذلك الذكاء هو الذكاء الطبيعي وهو أحدث إضافة إلى قائمة الذكاءات، وإن كانت هناك ذكاءات أخرى ما زالت قيد البحث لمطابقتها مع المحكات الثمانية، لعل أبرزها الذكاء الوجودي، وستتناول الباحثة كل من الذكاءات الثمانية بالشرح.
1-الذكاء اللفظي/اللغوي Verbal/Linguistic Intelligence
       تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999,p.143)- على أنه القدرة على استخدام اللغة المنطوقة والمكتوبة –لغتك الأصلية وربما لغات أخرى- للتعبير عما يدور في الذهن –نثرًا أو شعرًا- ولفهم الآخرين ولتذكر الأشياء والمعلومات.
        ويتفق كل من كتبوا عن الذكاءات أن هذا الذكاء يبرز في الشعراء والمحامين والصحفيين وأي من صنوف الكتاب والخطباء والمتحدثين بلسان الهيئات  (Gardner, 1997  in Checkley,1997; Torff and Gardner, 1999, p.143).
      توضح كامبل (Campbell, L., 1997) أن استخدام القص للشرح، وإدارة مناقشات ومقابلات، إضافة لإتاحة الفرصة لكتابة قصيدة شعر أو مسرحية أو مقال تكون طرقًا تدريسية نافعة لتنمية الذكاء اللغوي.

2- الذكاء المنطقي/الرياضي Logical/Mathematical Intelligence
        تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, p.143)  -على أنه القدرة على التعامل مع الأرقام والكميات والعمليات، والإقناع بالحجة والمنطق، والتفكير بطريقة استنتاجية منطقية، واستخدام وتقدير العلاقات العددية والسببية والمجردة والمنطقية.
        يتفق كل من كتبوا عن الذكاءات أن هذا الذكاء يبرز في العلماء ورجال المنطق والمتخصصين بالرياضيات والمهندسين والمفهرسين ومبرمجيّ الكمبيوتر والمنجمين  (Gardner, 1997 in Checkley,1997; Holmes, 2002; Torff and Gardner, 1999, p.143).
        أما عن الأنشطة التدريسية التي يمكن استخدامها لتنمية هذا الذكاء فيمكن استخدام أنشطة حل المشكلات والتي تنمي الذكاء المنطقي، كما يمكن مساعدة التلاميذ على تنظيم المفاهيم من خلال الرسوم البيانية والجداول، إضافة لعقد المقارنات (Holmes, 2002). تضيف كامبل (Campbell, L., 1997) أنه يمكن تحويل المادة العلمية لتركيبة رياضية، أو تصميم وتنفيذ تجربة، أو استخدام قياس منطقي للتوضيح.
3-الذكاء البصري/المكاني Visual/Spatial Intelligence
        تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Prescott, 2001, p. 3 as cited in Holmes, 2002; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, p.143)- على أنه القدرة على تعرف التكوين والمسافة واللون والخط والشكل، وعلى توضيح الأفكار البصرية والمكانية بيانيًا، كذلك القدرة على تصور العالم المكاني داخل العقل –هذا العالم المكاني قد يكون واسعًا يعكس وضعنا المادي في الفراغ وقدرتنا على الإبحار والاستكشاف أو يكون أكثر محدودية-، والقدرة على معالجة العلاقات المكانية (الفراغية) واستخدام الخيال.
      يمكن أن نشاهد الذكاء المكاني في الطريقة التي يقود بها البحار أو قائد الطائرة في العالم المكاني الواسع، أو الطريقة التي يتصور بها لاعب الشطرنج أو المثّال (النحَّات) عالم مكاني أكثر محدودية. كما يمكن استخدام الذكاء المكاني في العلوم والفنون؛ فإذا كنت من ذوي الذكاء المكاني المرتفع ومتوجهًا نحو الفنون فهناك احتمال أكبر لأن تصبح رسامًا أو نحاتًا أو معماريًا، أما بالنسبة للعلوم فيمكن القول إن هناك علومًا خاصة مثل التشريح أو الطوبولوجي تركز على الذكاء المكاني (Gardner, 1997 in Chekley, 1997, p. 12). وتضيف هولمز (Holmes, 2002) لاعبيّ الشطرنج وراسميّ الخرائط والمستكشفين ورواد الفضاء وباحثيّ شبكة الانترنت كفئات متميزة في الذكاء المكاني.
      وبينما يذكر تورف وجاردنر(Torff and Gardner, 1999,p.143) أن الذكاء المكاني يستخدم في الفنون البصرية ووضع التخطيطات والتصميمات والإبحار، ترى بروالدي (Brualdi, 1996) أن هذا الذكاء ليس محدودًا على الأبعاد البصرية، فقد لاحظ جاردنر أن الذكاء المكاني يتكون أيضًا في الأطفال العميان. حيث ترى الباحثة أن حاسة اللمس لدى المكفوفين تقوم مقام حاسة البصر في التعرف على الأماكن والمسافات والأشكال، وإن كانت تعجز بالطبع عن التعرف على الألوان.
      أما عن الأنشطة التدريسية التي يمكن استخدامها لتنمية هذا الذكاء، فيذكر ماكنزي (McKenzie, 1999b) أن الأطفال الذين يتعلمون بصريًا أفضل وينظمون الأشياء مكانيًا يفضلون أن يروا ما تتحدث عنه من أجل أن يفهموا، فهم يستمتعون بالرسوم البيانية والخرائط والجداول والصور التوضيحية والفنون والأحاجي وأي شيء تراه العين. ويضيف باحثون آخرون (Campbell, L., 1997; Carlson-Pickering, 2001; Carlson-Pickering, 1999) أنه يمكن عرض شرائح أو شرائط فيديو أو ألبوم صور أو إعداد لوحات أو كروت للتوضيح أو إجراء تجارب بسيطة، أو أن يُطلب من التلاميذ عمل نماذج مختلفة في الحجم والطول للأشياء أو رسم وتلوين ونحت بعض الأعمال.
4-الذكاء الجسمي/الحركي Bodily/Kinesthetic Intelligence :
        تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, p.143)- على أنه القدرة على استخدام القدرات العقلية للفرد لتنسيق حركات الجسم الذاتية واستخدام الجسم –بالكامل أو أجزاء منه- للتعبير عن الأفكار والمشاعر ولحل المشكلات ولصناعة بعض المنتجات والقيام ببعض الأعمال. بينما يعرف روكوود (Rockwood, 2003) الذكاء الجسمي/الحركي إجرائيًا كتطبيق عصبي، وهو القدرة على التخطيط والأداء في حالة متزامنة، ويشير للمهارات البدنية خلال أنشطة حركية هادفة.
ترى بروالدي (Brualdi, 1996) أن هذا الذكاء يتحدى الاعتقاد الشائع بأن الأنشطة العقلية والجسمية ليست ذات علاقة.
ويبرز هذا الذكاء في الرياضيين والجراحين والحرفيين، كما يبدو واضحًا في مجال الفنون الاستعراضية(Gardner, 1997 in Checkley,1997; Lynn Gilman, 2001; Torff and Gardner, 1999, p.143).
يذكر هولمز (Holmes, 2002) وكامبل (Campbell, L., 1997) وأحمد أوزي (2003) أن هؤلاء التلاميذ المتميزين في الذكاء الجسمي/الحركي يكون من الأفضل تعليمهم من خلال أنشطة بالجسم كله وخلق حركة أو تتابع من الحركات، أو تخطيط وحضور رحلة تجوالية، أو بناء وتركيب أشياء، أو إحضار مواد للتوضيح، أو تمثيل ونمذجة المفاهيم، أو لعب الأدوار والمحاكاة.
5- الذكاء الموسيقي/الإيقاعي  Musical/Rhythmic Intelligence
      تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين (أحمد أوزي، 2003) (Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, p.143) - على أنه القدرة على التفكير في الموسيقى، وعلى سماع أساليب مختلفة الشكل من التأليف الموسيقي وتعرفها وتذكر الإيقاع وطبقة الصوت واللحن، وربما أداءهم، والانفعال بالآثار العاطفية لهذه العناصر الموسيقية، وكذلك القدرة على التكوين والخلق الموسيقي.
         وتشير بروالدي (Brualdi, 1996) أن العوامل السمعية تكون متطلبة للشخص ليطور هذا الذكاء في علاقته بدرجة النغم ونبرة الصوت، لكنها ليست مطلوبة لمعرفة وإدراك الإيقاع.
         يذكر تورف وجاردنر(Torff and Gardner, 1999, p.143) أن هذا الذكاء يُرى في الموسيقيين والنقاد الموسيقيين، لكنه يكون واضحًا أيضًا خارج النطاق الموسيقي، فعلى سبيل المثال، يُصدر أطباء القلب تشخيصهم على أساس الاستماع الدقيق لأنماط من الأصوات. كما يرى جاردنر  (Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12) أن هناك أشخاصًا عاديين يمتلكون ذكاءً موسيقيًا مرتفعًا فهم لا يتذكرون الموسيقى بسهولة فقط، إنهم لا يستطيعون إخراجها من عقولهم، إنها كل الوجود.
         يُنمي التلاميذ الذكاء الموسيقي من خلال خلق وأداء والاستماع للموسيقى. ويمكن أن تساعدهم نصوص الأغاني التي تصف محتوى حقيقيًا أن يتعلموا ويحتفظوا بالمعلومات، كما أن التعبير بدقات أو الإشارة إلى أنماط إيقاعية يكون مفيدًا مع هؤلاء التلاميذ (Harvard Project Zero, n . d.; Campbell, 1990; Campbell, L., 1997).
6- الذكاء الطبيعي Naturalist Intelligence
         تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين (Armstrong, 2003; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, p.144) - على أنه القدرة على التعرف والتمييز بين الأشياء الحية (النباتات- الحيوانات)، بالإضافة إلى الحساسية للملامح الأخرى من العالم الطبيعي (السحب- أشكال الصخور)، كذلك القدرة على تصنيف النباتات والحيوانات والمعادن، ويمكن أن نضيف إلى ذلك في مجتمعاتنا الحديثة القدرة على التعرف والتمييز بين الأشياء التي يصنعها الإنسان مثل السيارات والأحذية المطاطية وأمثالها، وأخيرًا.. القدرة على الفهم والعمل في العالم الطبيعي.
         أضاف جاردنر هذا الذكاء إلى قائمته عام 1996م، حيث كان الإضافة الأولى إلى الذكاءات السبعة الأصلية. هذا هو الذكاء الذي ساعد أجدادنا على النجاة (Osciak and Milheim, 2001, p.358)، ولتقرير ماذا يأكلون ومما يهربون.
         يكون مستوى هذا الذكاء مرتفعًا لدى علماء الحيوان وعلماء النبات وعلماء الأنثروبولوجيا والمتخصصين بالبيولوجيا الجزيئية والمعالجين بالأعشاب والصيادين وجامعيّ الثمار والفلاحين والطهاة والمفهرسين وأمناء المكتبات والأطفال الذين يحبون الديناصورات (Campbell, B., 1997; Gardner, 1997 in Checkley,1997; Holmes, 2002; Torff and Gardner, 1999, p.144).
         وبالنسبة للأنشطة التدريسية التي يمكن استخدامها من أجل تنمية هذا الذكاء تذكر كامبل (Campbell, L., 1997) أنه يمكن وصف التغييرات في البيئة المحلية والعالمية، ورسم أو تصوير الأشياء الطبيعية صورًا فوتوغرافية، واستخدام مناظير ثنائية العين وتليسكوبات وميكروسكوبات أو مكبرات بالعدسات. ويضيف كامبل (Campbell, B., 1997) إمكانية جمع عينات من العالم الطبيعي وتصنيفها وترتيبها، وملاحظة الطبيعة، وعمل تجارب في الطبيعة، وتعلم أسماء ظواهر طبيعية، وتعلم خصائص العالم الطبيعي، والتجول في الطبيعة أو عمل رحلات، وزراعة الحدائق، ورعاية الحيوانات الأليفة، والقيام بمشروعات للحفاظ على الحياة البرية، ومقارنة الملاحظات عن الطبيعة مع آخرين، وزيارة حدائق الحيوان والحدائق النباتية، وزيارة متاحف التاريخ الطبيعي، وتجفيف الأزهار.
7 - الذكاء التفاعلي Interpersonal Intelligence
        تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy, 1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Gardner, 1999 as cited in Carlson- Pickering, 2001; Garrigan and Plucker, 2001; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.)- على أنه القدرة على تعرف وفهم مشاعر ودوافع وأهداف واعتقادات ونوايا ورغبات الآخرين، والتمييز بينها، والاستجابة لها، ومن ثم العمل مع الآخرين.
        هذا الذكاء هو القدرة التي نحتاجها جميعًا للتعامل مع الآخرين والاتصال بهم، لكنه يكون مرغوبًا جدًا بالنسبة للمعلمين والأطباء الإكلينيكيين (المعالجين) والسياسيين ورجال الدين الناجحين والمستشارين القانونيين والبائعين؛ لأن أصحاب هذه المهن يقوم عملهم أساسًا على الاتصال بالآخرين، وعليه فإن اكتساب هذا الذكاء يمكنهم من القيام بعملهم بكفاءة  (Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Garrigan and Plucker, 2001; Lynn Gilman, 2001; Torff and Gardner, 1999, p.143).
      ولعل من أهم ما يميز المتعلمون مرتفعو الذكاء التفاعلي هو قدرتهم على فهم الآخرين وفهم القوى الاجتماعية المحركة والإنتاجية في التعاون، مثل هؤلاء التلاميذ يتعلمون أفضل مع الآخرين ومن ثم فإن أنسب مكان لتعلمهم لا يكون في قاعات المحاضرة المزدحمة ولا في المحطات المعزولة، وإذا أُعطوا فرصة الاختيار في التعلم أو العمل فقد يتعلمون مع الآخرين أفضل وينتجون أكثر كثيرًا من مجموع إنتاج عملهم بشكل منفصل، كما يفيد استخدام التغذية الراجعة معهم، وكذا إشراكهم في مشروعات، وتركهم يديرون مقابلات، باختصار أن تترك لهم الفرصة لاستخدام مهاراتهم الاجتماعية في التعلم (Campbell,L., 1997; Holmes, 2002).
8- الذكاء الشخصي Intrapersonal intelligence
        تعرف الباحثة هذا الذكاء –استنادًا لما ذكره العديد من الباحثين(Armstrong, 2003; Brualdi, 1996; Christison & Kennedy,1999; Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12; Hoerr, 2000; Lynn Gilman, 2001; Tapping into Multiple Intelligences, n. d.; Torff and Gardner, 1999, pp.143-144)- على أنه القدرة على امتلاك الفهم لنفسك، ومعرفة من أنت، وماذا يمكنك عمله، وماذا تريد أن تفعل، وكيف تتفاعل مع الأشياء، وأي الأشياء تتجنب، وأي الأشياء تنجذب إليها، وتعرُف المتشابهات والاختلافات في نفسك عن الآخرين، وأن تكون متلائمًا مع المشاعر الداخلية والقيم والمعتقدات وعمليات التفكير، وتستخدم تلك المعلومات لضبط حياتك الشخصية واتخاذ قرارات. إنه الذكاء الذي يُمكِّن الأفراد أن يُكوِّنوا نموذجًا عقليًا عن أنفسهم يتفهمون من خلاله مشاعرهم ودوافعهم الذاتية، ويعتمدون عليه في كل ما يخص حياتهم. وفي ذلك يقول جيلفورد (Guilford, 1967) (في فؤاد أبو حطب، 1996، ص 168) إننا لا نعرف فقط ولكننا أيضًا نعرف أننا نعرف، كما نعرف أن لدينا مشاعر وانفعالات ومقاصد وأفعال.
        يشير جاردنر (Gardner, 1997 in Checkley,1997, p. 12) إلى أن هناك كثيرًا من الأشخاص يتمتعون بهذا الذكاء بدرجة عالية، ونحن نلتفت لهم لأن لديهم فهمًا جيدًا لأنفسهم، فهم يكونون متمتعين بالحصافة وجودة الرأي، ويعرفون ماذا يمكنهم عمله وماذا لا يمكنهم عمله، وهم يميلون لأن يعرفوا إلى أين يتجهون إذا احتاجوا للمساعدة.
       ولعل مما يلفت النظر إليهم أنهم متأملون وربما روحانيون، ولديهم إدراك ذاتي لأنفسهم؛ فيستطيعون تحديد الطبائع الخلقية (السجايا) التي يمتلكونها، والتي تساعدهم على النجاح، وكذلك يعرفون نقاط الضعف في شخصيتهم، ويتمتعون بإحساس قوي بالأنا، ولديهم ثقة كبيرة بالنفس، كما أن لديهم إرادة صلبة، ويحبون الاستقلال، ولهم مشاريع يسعون إلى تحقيقها، كما يمكنهم وصف قيمهم الشخصية وتقييم أعمالهم. يميز هذا الذكاء أنشطة التعلم الذاتي - قد يعملون بشكل أفضل عندما يكونون وحيدين-، كما يفيد تدوين اليوميات في تنميته. ويحتاج كل الناس فرصًا ليتأملوا (يفكروا مليًا) في التعلم، وليدمجوا التعلم الجديد مع خبراتهم وقيمهم السابقة ومناظيرهم الشخصية (أحمد أوزي ، 2003) (Campbell, L., 1997; Holmes, 2002).       
       لكن، وعلى الرغم من الترحيب الذي قوبلت به النظرية في الأوساط التربوية وبين المعلمين الجادين، فهناك الكثير من النقد الذي تلقته النظرية من العديد من التربويين، ويعد من أهم أوجه النقد الذي وُجه للنظرية أن ما أسماه جاردنر بالذكاءات إنما هي في واقع الأمر مواهب وليست ذكاءات، إذ يعتقد المنظرون المعارضون لنظرية الذكاءات المتعددة أن تلك المفاهيم مثل القدرة الجسمية/الحركية أو الموسيقية تمثل مواهب فردية؛ فالأفضل أن تُسمى موهبة بدلًا من ذكاء. بينما يرفض جاردنر التفرقة بين الموهبة والذكاء، ويرى أن ما نسميه ذكاءً في لغتنا العامية ما هو إلا مجموعة معينة من المواهب في المجال اللغوي أو المجال المنطقي/الرياضي.
       يضيف هُوار (Hoerr, 2000) أنه لعقود طويلة ركزت المدارس –في بعض الأحيان بشكل كلي- على تلك القدرات التي يمكن تسميتها الذكاءات المدرسية"Scholastic Intelligences" –القدرات اللغوية والمنطقية/الرياضية-. هذا الميل للتركيز على الذكاءات المدرسية كان بسبب حقيقة أنها تكون أسهل نسبيًا في أن يُصمم لها اختبارات ورقة وقلم ثابتة وصادقة لتقييمها، بينما يكون تصميم اختبارات ثابتة وصادقة لتقييم المواهب الموسيقية والفنية للتلاميذ أكثر صعوبة، وبالتأكيد أكثر تكلفة. وتقدم الاختبارات المعيارية معلومات منبئة أقل فائدة عن النجاح في الحياة لحقيقة كونها تقيس جزءًا من الصورة فقط.
ويؤكد جاردنر على الفكرة نفسها؛ إذ يذكر أن مدارسنا وثقافتنا واختباراتنا تركز أغلب انتباهها على الذكاء اللغوي والذكاء المنطقي/الرياضي، فهي تقدر الأشخاص ذوي القدرة العالية على التحدث بوضوح وكذلك الأشخاص ذوي المنطق، بينما تجاهل التعليم النظامي دومًا الأشكال الأخرى للتمثيل العقلي بالرغم من كون الذكاءين اللغوي والمنطقي/الرياضي غير كافيين لزراعة محصول أو رسم صورة أو ارتجال لحن أو إحراز هدف في مباراة أو الفوز بانتخاب، وما إلى ذلك من الأشياء التي تكون مُقَدَّرة في المجتمع. أي أنه لا يكون هناك انتباه مساو في التعليم للأفراد الذين يظهرون تميزًا في الذكاءات الأخرى (Armstrong, 2000a; Brualdi, 1996; Gardner, 2001; Holmes, 2002; Lynn Gilman, 2001; Scherer, 1997).
      ويبقى هذا هو الحال في المدارس، فبمجرد أن نكبر ونلتحق بالمدرسة ينبغي علينا أن نلقي بالعديد من طرقنا الطبيعية لجمع المعلومات وأن نجلس ثابتين وأن نكون هادئين ونوقف أحلام اليوم ولا نعبث؛ لذا فالطفل الذي يتعلم بشكل أفضل عن طريق الحركة حول المكان، أو ذلك الذي يحتاج للتحدث عن الأفكار ليفهمها، أو الثالث الذي يفهم أفضل برسم أشكال ورموز، كل منهم يفقد أداته الأكثر فاعلية، ويُلقي جانبًا نمطه الأولي للتعلم، فيصبح التعلم مملًا، بينما تؤكد لنا نتائج دراسات المخ أننا بحاجة لنتحرك ونغني ونرقص ونرسم ونتحدث ونتأمل لنتعلم بشكل فعال، لذا فإننا بحاجة إلى أن نكف عن التوقع بأنه توجد طريقة صحيحة واحدة لنُعلِّم أو نُدرِّس، وكذلك أن نكف عن توقع أن متعلمينا سيكونون أكثر نجاحًا إذا استخدموا الاستراتيجيات نفسها، وأن نؤمن حقًا أن التنوع هو المفتاح "Diversity is the KEY" (Multiple Intelligences for Adult Literacy and Education page, n. d). هذا التنوع في الأنشطة التعليمية القائم على نظرية الذكاءات المتعددة، والذي أصبح يُعرف باسم مدخل الذكاءات المتعددة في التدريس.
كيف لمدخل الذكاءات المتعددة في التدريس (الأنشطة الصفية المتـنوعة والتقويم المتـنوع) أن يغير من الواقع التربوي، خاصة كأسلوب تعامل مع الموهوبين؟
        يوضح أرمسترونج (Armstrong, 2000b) أن المعلمين اليوم يتعلمون كيف يقدمون المادة خلال تشكيلة من القنوات التعليمية متضمنة بصريات وموسيقى ووسائط متعددة وتعليم عن طريق الفريق وعروض عملية واستكشاف المواد. بينما تؤكد لامب (Lamb, 2002) على عدم وجود طريقة صحيحة ومناسبة واحدة لإدماج مدخل الذكاءات في الفصل الدراسي، إنه يستلزم فقط تغيير فكرتنا عن التدريس والتعلم، ومخاطبة الفروق الفردية، والإمداد بتشكيلة من الأنشطة والخبرات لتسهيل التعلم.
       ولا يقتصر التطبيق التربوي للنظرية على تحسين طرق التعلم المدرسي بما يتلاءم والفروق الفردية للتلاميذ العاديين، بل يتعداه لرعاية ذوي صعوبات التعلم والموهوبين. يذكر فوجارتي وبيلانكا (Fogarty and Bellanca, 1995) أن كل التلاميذ يمتلكون ذكاءات متعددة من ذوي صعوبات التعلم إلى الموهوبين.
       وينبهنا عادل عبد الله محمد (2003، ص 1) وبام (Baum, 1990) أن من الأمور المتناقضة والتي قد لا يعتقد فيها أو يصدقها الكثيرون أن نجد أطفالًا موهوبين ولكنهم يعانون في الوقت ذاته من إحدى صعوبات التعلم، وذلك استنادًا إلى الدراسات الحديثة في كلا المجالين، والتي نبهت الخبراء إلى إمكانية أن يكون كلا مجموعتيّ السلوك موجودين بشكل متزامن. ولكن هذا التناقض يعد حقيقة في مدارسنا. ويمكن للباحثة أن تذكر أمثلة لكثير من المشاهير الذين اعتبروا أغبياء في المدارس التقليدية التي لم تقدر ذكاءاتهم القوية وطريقة تفكيرهم المختلفة عن الطريقة التقليدية التي كانت تُعلم بها مدارسهم. ولعل من أبرز هؤلاء ألبرت أينشتين Albert Einstein وونستون تشرشل Winston Churchill وتوماس أديسون Thomas Adison. وللأسف فإن ما حدث لهؤلاء العباقرة يستمر حتى اليوم ليشمل ملايين آخرين في العالم المتسع. تذكر بام (Baum, 1990) أنه إضافة لعرض العلاج لهؤلاء التلاميذ فإن تركيز الانتباه على تطوير القوى والاهتمامات والإمكانيات العقلية الفائقة يكون ضروريًا، حيث أن هؤلاء التلاميذ بحاجة لبيئة تربوية محفزة تمكنهم من تطوير كامل لمواهبهم وقدراتهم، ووفقًا لويت مور و ميكر (Whitmore & Maker, 1985) فإن مكاسبًا أكبر رؤيت عندما ركز التدخل على الموهبة بدلًا من الصعوبة، كما أنه وفقًا لهرم ماسلو للحاجات (Maslow, 1962) فإن الأفراد يجب أن يشعروا بالانتماء وأنهم مقدرون من أجل الوصول لإمكاناتهم، لذا فإنه لابد أن تكون بيئة التعلم معززة تهتم بتطوير قدرات التلاميذ وتُقيم وتحترم الفروق الفردية، وهو ما يوفره مدخل الذكاءات المتعددة في التدريس.
       وترى الباحثة أن نظرية الذكاءات المتعددة قد أعطت أساسًا لبلورة مفهوم الموهبة؛ حيث أنه وبناءً على جاردنر يمكننا أن نرى الموهبة كتنوع في الذكاء أو في القدرات العقلية، كما أن نظرية الذكاءات المتعددة تعد مفيدة عند الحديث عن الموهبة لأنها تحدد مجالات النشاط الإبداعي. ونجد جاردنر (Gardner, 1993) يقدم كتابًا عن سبعة من مشاهير المبدعين كل منهم في ذكاء من الذكاءات السبعة الأولى التي وضعها في نظريته عندما قدمها لأول مرة عام 1983، فيعطي سبع صور وصفية للحياة الإبداعية لأشخاص تميز كل منهم في أحد الذكاءات السبعة (ت. س. اليوت T. S. Eliot ذكاء لغوي- ألبرت اينشتاين Albert Einstein ذكاء منطقي/رياضي- مارثا جراهام Martha Graham ذكاء جسمي/حركي- بابلو بيكاسو Pablo Picasso ذكاء بصري/مكاني- ايجور سترافينسكي Igor Stravinsky ذكاء موسيقي- المهاتما غاندي Mahatma Gandi ذكاء تفاعلي- سيجموند فرويد Sigmond Freud ذكاء شخصي)، مما يعد مؤشرًا على العلاقة التي أصبح يفترضها جاردنر بين مفهوميّ الذكاء والموهبة، كما أن مدخل الذكاءات المتعددة في التدريس يمدنا بفهم لتشكيلة من المواهب التي يحملها التلاميذ للفصل الدراسي، وهي المواهب التي ربما لا يمكن رؤيتها وتمييزها بسهولة في سياق التعلم المدرسي التقليدي. وإذا كان جاردنر يرى أنه لا يوجد سبب لأن نسمي التفكير المنطقي ذكاءً والقدرة الموسيقية موهبة، فإن الباحثة ترى أن إسهام نظرية جاردنر لا يتوقف وحسب عند إعادة فحص العلاقة الثنائية الهامة بين الذكاء والتعلم المدرسي، بل ترى أن إسهامه يمتد إلى فحص العلاقة بين الذكاء والموهبة والتعلم المدرسي.
       كما أن نظرية جاردنر تعترف بالقدرة على تطوير الذكاءات التي هي من منظوره يعد كل ذكاء منها صورة من صور الموهبة، وعليه يعترف بإمكانية تطوير الموهبة مما يمثل تحديًا لمفهوم معامل الذكاء IQ. إن التعلم بالطريقة التقليدية في المدارس يقتل المواهب، لكن من خلال مدخل جاردنر للذكاءات المتعددة يعمل على تنميتها؛ ذلك أنه (كما ذُكر في: الذكاء المتعدد واستراتيجيات التعلم، د. ت) في الفصول الدراسية التقليدية كثيرًا ما تم إغفال الكثير من المواهب ودفنها بسبب الاعتماد على التقييم الفردي واختبارات الذكاء التقليدية، بعكس هذه النظرية التي تساعد في الكشف عن القدرات والفروق الفردية، فكم من موهبة لم تُشحذ لأن المربين غفلوا عن اكتشافها وصقلها، كما تساعد هذه النظرية في توجيه الأفراد مهنيًا للوظيفة التي تناسبهم، والتي تلائم قدراتهم ويتوقع أن ينجحوا فيها.
       تذكر كارلسون-بيكرينج (Carlson-Pickering, 2001) أن المعلمين عندما يستخدمون استراتيجيات تدريس وأنشطة متنوعة فإنهم لا يصلون فقط لكل التلاميذ، لكنهم يكونون أفضل في القدرة على تنمية المواهب للتلاميذ ذوي القدرات العالية. هؤلاء التلاميذ لديهم الحاجة لتقوية ذكاءاتهم. وأغلب المعلمين الذين درَّسوا من خلال مدخل الذكاءات المتعددة يشعرون أنه قد أتاح لهم الفرصة للوصول للمواهب الفريدة التي يمتلكها كل تلاميذهم.
       وقد أشارت نتائج دراسة شيا وآخرين (Shea et al., 2001) إلى أن القدرتين اللغوية والكمية (الرياضية) –اللتين تركز عليهما اختبارات الذكاء التقليدية- وحدهما لا تمدان بوصف واف للتنوع المعرفي لدى التلاميذ الموهوبين عقليًا، وأن الفروق الفردية في هذه الفئة الخاصة في القدرات اللغوية والكمية والمكانية في عمر 13 عامًا كانت متعلقة بشكل واضح بعضويات المجموعة التربوية والمهنية عبر 20 عامًا، وكان واضحًا أن القدرة المكانية مقارنة بالقدرة الكمية واللغوية تمد بمعلومات فريدة، وأنها أضافت صدقًا إضافيًا في التنبؤ بالنتائج التربوية/المهنية التي اختارها التلاميذ بأنفسهم عبر الأزمنة المتعاقبة.
       كما استنتج ستارك (Stark, 2004) من خلال مقارنته بروفيلات الذكاءات المتعددة لدى عينة من المغنيين وغير المغنيين من طلاب الكلية في صفوف قبل التخرج أنه  توجد فروق في بروفيلات متوسط الذكاءات المتعددة للمغنيين وغير المغنيين، مع نتائج دالة في نطاقيّ الذكاءين الموسيقي واللغوي، حيث حصل المغنيون على درجات أعلى بدلالة من غير المغنيين في كلا الذكاءين. كذلك أشارت نتائج دراسة شيرلوك (Sherlock, 2004) إلى أن الطلاب الرياضيين سجلوا مستويات عالية من الذكاء في النطاقات التالية: الجسمي/الحركي والتفاعلي واللغوي.
       وإذا ما قارنا المدرسة التقليدية بالمدرسة التي تركز على الذكاءات المتعددة للتلاميذ فيما يختص بالتعامل مع الموهوبين، سنجد أن الموهوبين في المدرسة التقليدية هم التلاميذ الذين يحصلون على معامل ذكاء 130 فأكثر، ويتم تعليمهم من خلال برامج خاصة بالموهوبين. بدلًا من ذلك وفي مدرسة الذكاءات المتعددة، يمكننا التركيز على التلاميذ المتميزين في أنواع مختلفة من الذكاء. التلاميذ الذين هم موسيقيون جدًا أو منطقيون جدًا أو لغويون جدًا، لكن دون تغيير البرنامج التعليمي. وقد دلت الدراسات التي تمت على الطلاب الموهوبين على فعالية البرامج التدريسية المؤسسة على نظرية الذكاءات المتعددة في التعرف على الموهوبين والوصول بموهبتهم إلى درجة التفوق، وتنمية مواهبهم بشكل أفضل مقارنة بالذين تعلموا بالطريقة التقليدية. بالرغم من ذلك ووفقًا لدراسة مِكفارلاند (McFarland, 1998) فإن أغلبية تحديدات المعلمين للموهوبين لا زالت مؤسسة على القدرات الأكاديمية للتلاميذ في اللغات والقدرة المنطقية/الرياضية.
       إن المدارس التي تقدر كل الذكاءات لا تسقط الفن أو الموسيقى حتى بالمقارنة بالكمبيوتر. لكن للأسف يظل مجتمعنا يرسل رسائل خليطة للتلاميذ؛ فنحن نتملق الرياضيين الحاصلين على جوائز والموسيقيين والقادة، لكن نفشل في تنشئة التلاميذ المبتدئين في الألعاب الرياضية والموسيقى والمهارات الاجتماعية (Scherer, 1997).
       ويوضح جاردنر (Gardner, 2003) أن هناك فروقًا حتى في مستوى الأداء العالي، فهناك فروقًا بين هؤلاء الذين يكونون فائقين في نطاق واحد مثل الموسيقيين أو علماء الرياضيات مقارنة بمتعددي البراعات أو المواهب أو الكفاءات مثل السياسيين أو قادة الأعمال الذين يعرضون بروفيل مستوي نسبيًا من نواحي القوة المعرفية.
إن وضع نظرية الذكاءات المتعددة كإطار نظري للمعلم يساعد كل التلاميذ أن يستكشفوا ويُنموا ويُطوروا قدراتهم، فيصبح المتعلمون أكثر نشاطًا ومشاركة وابتهاجًا بالتعلم وشعورًا بالكفاءة، وأكثر ارتباطًا بالمهام التي ينفذونها. إضافة لذلك فإنه يدعم أيضًا المثابرة والجهد الضروريين لإجادة المهارات والمعلومات وليكونوا مبدعين، مما يؤدي للنمو الدراسي.
ومن الأنشطة التي يمكن تنفيذها للارتقاء بالذكاءات المتعددة للتلاميذ، يذكر كل من جابر عبد الحميد (2003، ص ص 57: 62) وإسماعيل الدرديري ورشدي فتحي (2001، ص ص 82: 84) الزيارات الميدانية لأماكن متنوعة خارج الفصل الدراسي –يمكن أن تكون داخل المدرسة كحجرة الموسيقى على سبيل المثال-، أو إفساح الفرصة لأحد المتخصصين في مهنة ما لزيارة الفصل، وتتبع السِير الذاتية لأفراد بارعين مشهورين في كل مجال من مجالات الذكاء، والأنشطة العملية السريعة التي تشمل أنشطة متنوعة يعتمد كل منها أساسًا على استخدام أحد الذكاءات ويكون على التلميذ أن يُتمها، ومناضد الذكاءات المتعددة التي تتطلب إعداد منضدة لكل ذكاء في الفصل الدراسي ليتم عليها التلاميذ النشاط الخاص بالذكاء ثم ينتقلوا للمنضدة التالية، وعرض منتجات التلاميذ مُعبَرًا في كل منتج عن نوع الذكاء الذي يُعبَر عنه، إضافة إلى عرض ملصق لأحد البارعين في كل ذكاء على جدران الفصل، وتأليف قصة أو مسرحية أو أغنية يتمتع أبطالها بدرجة عالية من أحد الذكاءات ويتحدث عما يفعله، كما يمكن للمعلم أن يستخدم لعبة من الورق المقوى يقوم بإعدادها مع تلاميذه على شكل لوحة مقسمة إلى مربعات ملونة بألوان مختلفة تمثل الذكاءات وبطاقات ملونة بالألوان نفسها عليها أسئلة تخص الذكاءات المختلفة ونردًا (زهر الطاولة).
كما يورد جاردنر (Gardner, 2001) طرقًا يمكن بها نقل نظريته إلى حيز التطبيق منها أنه يمكن تجميع كل التلاميذ الأقوياء في ذكاء، أو يمكن جمع كل التلاميذ الضعفاء في ذكاء لمحاولة تقوية تلك الذكاءات الضعيفة أو تجاهل العيوب والبناء على نواحي القوة، كما يمكن تفريد التربية كلما أمكن، وهذا الخيار الأخير هو ما يستحسنه جاردنر حيث يرى أنه في عصر الكمبيوتر يكون تفريد التربية ملائمًا لكل طفل وليس للأغنياء فقط.
       بالرغم من ذلك فإن نظرية الذكاءات المتعددة ليست نظرية في التربية، ومن ثم فإنها ليست مجموعة استراتيجيات لتُطبق بشكل مباشر، إنها تؤيد وتصدق على ممارسات كثيرة مختلفة جيدة وتوسع مقدرة المعلمين على إخراج الأفضل من تلاميذهم، إنها ليست تقنية.. إنها مجموعة من القدرات العقلية "It's not a technique, it's a mind set" (Kallenbach and Viens, 2001; Viens, 2000).
       وتركز كريستيسون وكينيدي (Christison and Kennedy, 1999) على الفكرة نفسها إذ أن نظرية الذكاءات المتعددة لا تقتضي طريقة تدريس أو منهج أو أسلوب، لكن طريقة في فهم الذكاء يمكن للمعلمين أن يستخدموها كمرشد في تطوير أنشطة الفصل الدراسي التي تنصب على طرق عديدة للتعلم والمعرفة. كما تشير كامبل (Campbell, L., 1997) إلى عدم وجود اتفاق بين المربين على نموذج واحد مفضل لتطبيق مدخل الذكاءات المتعددة، فمنهم من يركز على برامج مهنية، ومنهم من يعتمد على المشروعات، ومنهم من يجعل تلاميذه يدورون طوال اليوم في محطات تعليمية (مراكز تعليمية) ينفذون فيها نشاطًا خاصًا بأحد الذكاءات، فالمعلمون يطبقون النظرية بالطريقة التي يعتبرونها أكثر ملاءمة لتلاميذهم ومدرستهم ومجتمعهم. كما أنه لأمر هام كما يذكر أرمسترونج (Armstrong, 1991, as cited in Carlson-Pickering, 2001) أن يركز المعلم على أي  ملامح إيجابية يجدها في سلوك التلاميذ حتى إذا كانوا لا يزالون لا يعملون بالمستوى النهائي الذي يرغبه.
      ومن الدراسات التي استخدمت مدخل الذكاءات المتعددة في التدريس على عينات من التلاميذ الموهوبين –مرتفعي IQ- لدراسة أثره عليهم في بعض المتغيرات –المتعلقة بالذكاء اللغوي-، وأشارت للتأثير الإيجابي لهذا المدخل في التعامل مع الموهوبين، كانت دراسة ألبرو وآخرين (Albero et al., 1997) عن "تحسين القراءة باستخدام الذكاءات المتعددة". نفذ الباحثون برنامجًا يعتمد على استخدام استراتيجيات الذكاءات المتعددة للتدريس واستخدام الحقائب الوثائقية portfolios للتقويم وتنفيذ سجلات قراءة للتلاميذ، بغرض زيادة درجات اختبار القراءة لدى تلاميذ بعض المدارس التي كانت درجات تلاميذها الأكثر انخفاضًا في اختبار القراءة بين كل مدارس المنطقة التابعة لها، وذلك كما اتضح من خلال درجات برنامج تقييم الهدف بولاية الينوي. تكونت العينة من تلاميذ فصل دراسي واحد بالصف الثاني، وفصل دراسي واحد بالصف الثالث، وفصلين دراسيين بالصف الرابع. وتضمنت العينة تلاميذًا موهوبين، وآخرين ذوي قدرة قراءة تحت المتوسط أو ذوي متوسط منخفض، وتلاميذًا ذوي قدرة قراءة عالية، وبعض التلاميذ ثنائيي اللغة. وتم التدريس للتلاميذ في الفترة من سبتمبر 1996 وحتى ديسمبر 1996 لمدة 17 أسبوعًا. وباستخدام اختبار قراءة قبلي/بعدي والحقائب الوثائقية وقوائم تحقق المعلم وتقييم ذاتي للتلاميذ، أشارت البيانات البعدية للتدخل التجريبي إلى زيادة درجات اختبار القراءة لدى التلاميذ، كما أظهر التلاميذ القدرة على عمل ارتباطات بين ما قرأوا وحياتهم، كذلك قضى التلاميذ وقتًا أكثر ليقرأوا ويفكروا فيما قرأوه، ومن ثم فقد زاد الفهم ومهارات التفكير العليا لديهم.
       وكانت دراسة بريشير وآخرين (Brecher et al., 1998) عن "تحسين تهجئة الكلمات الأكثر تكرارًا في الكتابة اليومية عبر المنهج باستخدام الذكاءات المتعددة". نفذ الباحثون برنامجًا لتحسين تهجئة الكلمات الكثيرة التكرار في الكتابة اليومية في منهج من خلال استخدام مراكز الذكاءات المتعددة. تكونت عينة الدراسة من تلاميذ بالصفين الثاني والثالث (ع= 64 تلميذًا منهم 4 تلاميذ تربية خاصة بالصف الثاني، وتلميذين موهوبين بالصف الثالث). وقد كانت هناك مؤشرات استدل من خلالها الباحثون على وجود المشكلة. وتم تنفيذ التدخل التجريبي في الفترة من نهاية أغسطس 1997 وحتى يناير 1998 لمدة 20 أسبوعًا. وباستخدام الاختبارات القبلية والبعدية، واختبارات التهجئة الأسبوعية، وعينات من كتابات التلاميذ، ومسوح الآباء والمعلمين والتلاميذ، والسجلات التدوينية، أشارت النتائج البعدية للتدخل التجريبي إلى تحسن دال في تهجئة 100 كلمة كثيرة التكرار واستخدامها في الكتابة اليومية في المنهج.
       ودراسة مشابهة لدراسة بريشير وآخرين (Brecher et al., 1998) لشاه وتوماس (Shah & Thomas, 2002) عن "تحسين تهجئة الكلمات الأكثر تكرارًا في الكتابة اليومية باستخدام مراكز الذكاءات المتعددة". نفذ الباحثان برنامجًا لمدة 20 أسبوعًا في الفترة من سبتمبر 2001 حتى فبراير 2002 لتحسين تهجئة الكلمات كثيرة التكرار في الكتابة اليومية، من خلال استخدام مراكز الذكاءات المتعددة (اللغوي- المنطقي/الرياضي- البصري/المكاني- الجسمي/الحركي- الموسيقي). وتكونت عينة الدراسة من تلاميذ بالصفين الثاني (ع= 27 تلميذًا) والثالث (ع= 25 تلميذًا) من العاديين عدا تلميذ ذي صعوبة تعلم، و4 تلاميذ بطيئ التعلم، وتلميذين في برامج المتفوقين. وكانت هناك مؤشرات استدل من خلالها الباحثان على وجود المشكلة من خلال مسوح الآباء والتلاميذ والمعلمين، ومقابلات المعلمين، والملاحظات، والاختبارات القبلية، واختبارات التهجئة الأسبوعية، وعينات من كتابات التلاميذ. ثم تم تقييم التدخل بواسطة اختبارات بعدية أسبوعية، واختبار بعدي في نهاية الدراسة، وعينات من كتابات التلاميذ، ومسح بعدي لاتجاهات التلاميذ، ومسح بعدي لاتجاهات الآباء، ورسم بياني وتأملات للذكاءات المتعددة. وقد أشارت النتائج البعدية للتدخل التجريبي إلى زيادة في قدرة التلاميذ على هجاء كلمات كثيرة التكرار بشكل متفق مع القواعد واستخدامها في الكتابة اليومية.
       بينما كانت دراسة والكر (Walker, 2005) عن "زيادة المشاركة اللفظية للإناث الموهوبات من خلال استخدام نظرية الذكاءات المتعددة". استخدمت الدراسة نظرية الذكاءات المتعددة كطريقة لتشجيع الإناث الموهوبات لزيادة مشاركتهن اللفظية في الحصص الدراسية، حيث لُوحظ نقص المشاركة اللفظية للإناث الموهوبات في الدروس في فصول الدراسة الابتدائية، ما شكل عائقًا أمام زيادة قدراتهن التعلمية إلى الحد الأعلى. ركزت الدراسة على تلميذات الصفين الثالث والرابع بالمدرسة المشاركة اللاتي درسن في فصل دراسي متعدد الأعمار. وكان إجمالي عدد التلاميذ 9 بنين و16 بنتًا جميعهم حصلوا على معامل ذكاء IQ= 131 أو أكثر. استمرت الدراسة 20 أسبوعًا، واستخدم الباحث طرقًا مختلفة لجمع البيانات حيث لُوحظت جميع المتعلمات الموهوبات يوميًا، كما تم إجراء مقابلة معهن أربع مرات أثناء الدراسة، كذلك تم اختيار عشوائي لآباء الموهوبات لإجراء مقابلات، وأدين جميعهن على مقياس المعامل الانفعالي EQ لجمع بيانات كمية قبلية وبعدية، إضافة إلى استجابات من المشاركين في سيمينار عن المساواة الجنسية في الفصل الدراسي، وتصوير فيديو للتدريس بالفصل الدراسي الذي قام به معلمو الموهوبات. وقد أشارت النتائج إلى حدوث زيادة في المشاركة اللفظية لدى التلميذات الموهوبات بالصفين الثالث والرابع من خلال استخدام نظرية الذكاءات المتعددة، بالرغم من أن البيانات القبلية والبعدية لمقياس EQ أظهرت تغيرًا دالًا بسيطًا للمعامل الانفعالي للتلميذات، ما يدل على عدم التراجع في مستويات قلق هؤلاء التلميذات. كذلك لُوحظ التحسن أثناء استخدام الاستراتيجيات البحثية في كل من الذكور والإناث ذوي الطبيعة الصامتة.
       وختامًا.. يمكن القول إن نظرية الذكاءات المتعددة لجاردنر قد اعتبرت الذكاءات مواهب عقلية يمتلكها جميع البشر، مع اختلاف نطاقات القوة والضعف، لكنها لم تلغ مفهوم الموهبة؛ إذ أصبح يُنظر إلى الموهوبين على أنهم الأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة في نطاق أي ذكاء من الذكاءات الثمانية. كما لا يمكن إنكار جهود جاردنر في التركيز على أهمية كل من العاملين البيئي والثقافي في إمكانية تطوير وتنمية الذكاءات (المواهب) الثمانية.
المراجع
أولًا: المراجع العربية:
إبراهيم وجيه محمود (1985). القدرات العقلية. القاهرة: دار المعارف.
إحسان آدم الطيب أحمد وعبد الرحيم دفع السيد عبد الله محمد (2007). تنمية مهارات التفكير. المملكة العربية السعودية: مكتبة الرشد.
أحمد أوزي (2003). من ذكاء الطفل الى ذكاءات للطفل "مقاربة سيكولوجية جديدة لتفعيل العملية التعليمية". Retrieved January 10th, 2004 from: www.bayynat.org/www/arabic/ousra/zakaa.htm  
إسماعيل محمد الدرديري ورشدي فتحي كامل (2001، يناير). برنامج تدريبي مقترح في تدريس العلوم لتنمية الذكاء المتعدد لدى معلمات الفصل الواحد متعدد المستويات. جامعة المنيا– كلية التربية: مجلة البحث في التربية وعلم النفس. المجلد الرابع عشر. العدد الثالث. ص ص 74 : 108.
الذكاء المتعدد واستراتيجيات التعلم (2003). موقع وزارة التربية بعمان.
 Retrieved January  10th , 2004 from:   www.moe.gov.om/moe/bulletin/4thissu/03.htm  
ألفت محمد حقي (1992). المدخل إلى علم النفس. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية.
جابر عبد الحميد جابر (2003).  الذكاءات المتعددة والفهم "تنمية وتعميق". سلسلة المراجع في التربية وعلم النفس "الكتاب الثامن والعشرون". القاهرة: دار الفكر العربي.
خليل ميخائيل معوض (1979). القدرات العقلية. القاهرة: دار المعارف.
سيد محمد خير الله وعزيز حنا داود وفؤاد عبد اللطيف أبو حطب (1984/1985). علم النفس التعليمي. برنامج تأهيل معلميّ المرحلة الابتدائية للمستوى الجامعي . وزارة التربية والتعليم بالاشتراك مع كلية التربية جامعة عين شمس.
عادل عبد الله محمد (2003، يناير). الأطفال الموهوبون ذوو صعوبات التعلم. جامعة الزقازيق: مجلة كلية التربية بالزقازيق. العدد الثالث والأربعون. ص ص 1: 35.
عبد الحليم محمود السيد (1971). الإبداع والشخصية "دراسة سيكولوجية". الطبعة الثانية. القاهرة: دار المعارف.
عبد الرحمن عدس (1999). علم النفس التربوي "نظرة معاصرة". الطبعة الثانية. عمّان: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
عبد الله النافع وعبد الله القاطعي وصالح الضبيبان ومطلق الحازمي والجوهرة السليم (2000). برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم. الرياض: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
فؤاد عبد اللطيف أبو حطب (1996). القدرات العقلية. الطبعة الخامسة. القاهرة: الأنجلو المصرية.
فيليب فيرنون (ترجمة فاروق عبد الفتاح علي موسى) (1988). الذكاء في ضوء الوراثة والبيئة. الطبعة الأولى. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية.
ماجد أحمد مومني (1987 ، ديسمبر). الذكاء "معناه وأنواعه ونظرياته". اللجنة الوطنية القطرية للتربية والثقافة والعلوم: التربية. العدد الرابع والثمانون. ص ص 78: 79.
مصري عبد الحميد حنورة (1997). الإبداع من منظور تكاملي "سلسلة علم النفس الإبداعي". القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية.
هوارد جاردنر (ترجمة محمد العقدة) (1997، سبتمبر). دعاية التباين في الذكاء بتقديم التعليم المناسب لكل شخص "ما يترتب على تصور جديد للذكاء البشري". مستقبليات. المجلد السابع والعشرون. العدد الثالث. ص ص 385: 405.
ثانيًا: المراجع الأجنبية:
Albero, PaulaBrown, AnnEliason, SusanWind, Jeanne (1997). Improving Reading through the Use of Multiple Intelligences. Master of Arts Action Research Project, Saint Xavier University and Skylight. (ED410522).
Armstrong, Thomas (2000a). Multiple Intelligences. Retrieved July 28th, 2002 from: www.thomasarmstrong.com/multiple_intelligences.htm  
Armstrong, Thomas (2000b). Multiple Intelligences in the Classroom. 2nd Edition, Alexandria, VA: ASCD. Retrieved from:  www.ascd.org/readingroom
Armstrong, Thomas (2003). The Multiple Intelligences of Reading and Writing: Making the Words Come Alive. Alexandria, VA: ASCD. Retrieved from:  www.ascd.org/readingroom
Ashmore, Lara Houlihan (2003). Web Site Usability and the Theory of Multiple Intelligences (Howard Gardner). PhD. University of Virginia, DAI. A 64/05, p 1610. Retrieved from: 
Baum, Susan (1990). Gifted but Learning Disabled: A Puzzling Paradox. (ED321484)
Brualdi, Amy C. (1996). Multiple Intelligences: Gardner's Theory. Eric Clearinghouse on Assessment and Evaluation, The Catholic University of America, O'Boyle Hall, Washington, DC. (ED 410226).
Campbell, Bruce (1997, May).            The Naturalist Intelligence. Retrieved May, 2007 from: www.newhorizons.org
Campbell, Linda (1997, Sep). Variations on a Theme "How Teachers Interpret MI Theory". Educational Leadership, Vol. 55, No.1, Retrieved from:  www.ascd.org/readingroom
Carlson-Pickering, Jane (1999, Nov). Teachers in Technology Initiative. Retrieved from:  http://www.ri.net/RITTI_Fellows/Carlson.Pckering/MI_Tech.htm
Carlson-Pickering, Jane (2001). Multiple Intelligences "Frequently Asked Questions". Retrieved from:  http://www.Chariho.K12.ri.us/curriculum/MISmart/FAQ.html
Carvin, Andy (n. d). Early Views of Intelligence and Education. Retrieved Aug 18th, 2002 from:
 http://www.edwebproject.org/edref.mi.histschl.html
Checkly, K. (1997, Sep). The First Seven and the Eighth: A Conversation with Howard Gardner. Educational Leadership, Vol. 55, No.1, Retrieved from:  www.ascd.org/readingroom
Christison, Mary Ann; Kennedy, Deborah (1999, Dec). Multiple Intelligences: Theory and Practice in Adult ESL. Retrieved July 10th, 2002 from: www.cal.org/ncle/DIGESTS. (ED 441350).
Fogarty, Robin; Bellanca, James (1995). Multiple Intelligences: A Collection K.12. IL:IRI/Skylight Publishing, Inc. (ED 382376).
Gardner, Howard (1993). Creating Minds: An Anatomy of Creativity Seen Through the Lives of Freud, Einstein, Picasso, Stravinsky, Eliot, Graham, and Gandhi. New York: Basic Books. Book Review by Gruber, Howard (1996). Journal of Creative Behavior, Vol. 30, No.3, pp. 213-228.
Gardner, Howard (1999, Jan. 20). MI at the College Level. Talk Delivered at Lesley College, Cambridge, MA.
Gardner, Howard (2001). An Education for the Future: The Foundation of Science and Values. Paper Presented to The Royal Symposium Convened by Her Majesty, Queen Beatrix, Amsterdam , March 13, 2001. Retrieved from: http:// pzweb. Harvard.edu/PIs/HG_Amsterdam.htm
Gardner, Howard (2003). Multiple Intelligences After Twenty Years. Paper Presented at The Americans Educational Research Association (AERA), Chicago, Illinois, April 21 2003. Retrieved from:  http://pzweb.harvard.edu/PIs/HG_MI_after_20_years.pdf
Harvard Project Zero (n. d). MI Basics: The Theory behind the Practice. AMI: Adult Multiple Intelligences. Retrieved from:
http://pzweb.harvard.edu/AMI/mi.htm
Hoerr, Thomas R. (2000). Becoming A Multiple Intelligences School. Alexandria, VA: ASCD. Retrieved from: www.ascd.org/readingroom
Holmes, Katherine (2002, June. 7). Use All Your Smarts: Multiple Intelligences for Diverse Library Learners. Retrieved Dec 14th, 2003 from: http://www.lesley.edu/faculty/kholmes/presentations/MI.html
Kallenbach, Silja; Viens, Julie (2001). Adult Multiple Intelligences Study. Retrieved Jul 28th, 2002 from: http://gseweb.harvard.edu/~ncsall//research/ami.htm
Kamphaus, Randy W. (1993). Clinical Assessment of Children's Intelligence. USA: Allyn and Bacon.
Lamb, Annette (2002, Sep). Technology and Multiple Intelligences. Retrieved from: http://eduscapes.com/tap/topic68.htm
Lynn Gilman, M.S. (2001, Fall). The Theory of Multiple Intelligences. Retrieved Aug 18th, 2002 from: http://www.indiana.edu/~intell/hottopics.html
McKenzie, Walter (1999a). Gardner's Eight Criteria for Identifying and Intelligence. Retrieved, from: http://surfaquarium.com/micrit.htm
McKenzie, Walter (1999b). It's Not How Smart You Are, It's How You Are Smart! "Howard Gardner's Theory of Multiple Intelligence". Retrieved from: http://surfaquarium.com/mi.htm
Multiple Intelligences for Adult Literacy and Education Page (n. d). Retrieved January 14th, 2004 from: http://Literacyworks.org/mi/home.html
Osciak, S.Y.; Milheim, W.D. (2001). Multiple Intelligences and the Design of Web-based Instruction. International Journal of Instructional Media, Vol. 28, No. 4, pp. 355- 361.
Rockwood, April Collins (2003). Bodily-Kinesthetic Intelligence As Praxis: A Test of Its Instructional Effectiveness. PhD. State University of New York at Buffalo, DAI. A 63/12, p 4223. http://wwwlib.umi.com/dissertations/fullcit/3076520
Scherer, Marge (1997, Sep). Perspectives/Martian Chronicles. Educational Leadership, Vol. 55, No. 1. Retrieved from:  www.ascd.org/readingroom
Shah, TejalThomas, Alexis (2002). Improving the Spelling of High Frequency Words in Daily Writing through the Use of Multiple Intelligence Centers. Master of Arts Action Research Project, Saint Xavier University and IRI/Skylight. (ED471069).
Shea, Daniel L.; Lubinski, David; Benbow, Camilla P. (2001, Sep). Importance of Assessing Spatial Ability in Intellectually Talented Young Adolescents: A 20. Year Longitudinal Study. Journal of Educational Psychology, Vol. 93, No. 3, pp. 604-614.
Sherlock, Jason P. (2004). The Relationship between Multiple Intelligences and the High School Student Athlete. EdD. Immaculata College, DAI. A 65/05, p 1725. Retrieved from: http://wwwlib.umi.com/dissertations/fullcit/3131109
Smedler, Ann-Charlotte; Törestad, Bertil (1996, Oct). Verbal Intelligence: A Key to Basic Skills?. Educational Studies, Vol. 22, No. 3, pp. 343- 356.
Stark, Deborah L. (2004). A Comparison of Multiple Intelligence Profiles in College Singers and Non.Singers with Implications for Teachers of Singing. DA. Ball State University, DAI. A 65/03, p 760. Retrieved from: http://wwwlib.umi.com/dissertations/fullcit/
Tapping into Multiple Intelligences. (n. d). Retrieved Dec 14th, 2003 from: http://www.thirteen.org/edonline/concept2class/month1
Torff, Bruce; Gardner, Howard (1999). The Vertical Mind.. The Case for Multiple Intelligences. In: Anderson, Mike (Ed.) et al., The Development of Intelligence.. Studies in Developmental Psychology. UK: Psychology Press Ltd., Publishers. pp. 139-159.
Viens, Julie (2000). Adult Multiple Intelligences MI Basics. Retrieved Jul 28th, 2002 from:  http://pzweb.harvard.edu/ami/mibasics.htm