الأربعاء، 27 مايو 2020

230-متاهة كورونا.. تلاعب غير مبرر!


متاهة كورونا.. تلاعب غير مبرر!
د/ منى زيتون
الأربعاء 27 مايو 2020

تجارب المتاهة!
أثناء تدريسي لمقرر علم النفس التربوي نظريًا وعمليًا، كانت هناك تجربة شهيرة تُعرف بالمتاهة، أطلب من الطالبات القيام بها كتطبيق عملي على التعلم بالمحاولة والخطأ، وتتكون المتاهة المستخدمة في معمل علم النفس عادة من صندوق خشبي مكشوف به مجموعة من الطرق، بعضها مغلق لا يؤدي إلى أي مخرج، وبعضها الآخر يتصل الواحد منها بالآخر ويؤدي إلى نقطة النهاية.

وكانت الطالبة تُخبَر بأن عليها أن تتعلم كيف تنتقل من نقطة البداية إلى نقطة النهاية عبر هذه الطرق في عدة محاولات وفقًا لسرعتها في التعلم، وليس هناك زمن محدد لكل محاولة، بل سيتم تسجيل الزمن الذي تستغرقه في كل محاولة، ولن يؤثر عدد المحاولات ولا زمن كل محاولة إطلاقًا على درجتها، كما ولن يتم احتساب الأخطاء، لأن المطلوب أن تتعلم فقط، ويجب عليها أيضًا ألا تفحص الطرق الممكنة بين نقطتي البداية والنهاية قبل البدء، لأن نوع التعلم المستهدف في التجربة هو التعلم بالمحاولة والخطأ.
كانت أغلب الطالبات تستجبن للتعليمات وتتعلمن بشكل صحيح، ولكن دائمًا وأبدًا كانت هناك طالبات لا تلتزمن بتعليمات وشروط إجراء التجربة، فتحاولن اختلاس النظر إلى المتاهة وفحص طرقها بأنظارهن قبل إجراء التجربة لمعرفة كيف تتحركن من نقطة البدء وصولًا إلى نقطة الانتهاء، وهو ما كان يظهر فارقًا بينهن وبين زميلاتهن الملتزمات بالشروط في نتائج المحاولة الأولى للتعلم، فزميلاتهن اللاتي لم يسترقن النظر كان يأتي زمن المحاولة الأولى كبيرًا كونه تعلمًا بالمحاولة والخطأ ليست لديهن أدنى خبرة حوله، ثم يهبط الزمن شيئًا قليلًا في المحاولة الثانية، ثم يهبط بدرجة كبيرة ثم يثبت الأداء بعد عدة محاولات قليلة لأنهن بذلن جهدًا في التعلم، بينما مسترقات النظر كان زمنهن في المحاولة الأولى يأتي أقل بكثير مقارنة بالمحاولة الأولى لزميلاتهن، وبلا فارق يُذكر عن المحاولة الثانية وباقي المحاولات، وكان المنحنى بوجه عام يأتي متذبذبًا، بلا مناطق ثبات أو استقرار في الأداء، والزمن يعلو ويهبط في إشارة إلى تخبط واضح.

وتعلمت من هذه الخبرة مع طالباتي أن هناك من يحاول دائمًا التلاعب بالبيانات الإحصائية متصورًا أنه سيجعل بياناته تبدو أكثر صدقية، ولا يفهم أنه يثبت على نفسه التلاعب! والغباء هنا يكمن في أن التلاعب غير مبرر!

منحنى مشوه!
أصبحت أسترجع هذه الخبرة كثيرًا مؤخرًا أثناء تتبعي للأرقام المعلنة من بعض دول العالم لحالات الإصابة بفيرس كورونا، فتارة يتم تقليل عدد المفحوصين لتخفيض أعداد المصابين المعلنة، ومعروف أن الأعداد التي تُعلن للمصابين تتناسب مع عدد من تم تشخيصهم بأخذ المسحات وغيرها من طرق التشخيص، وتارة نسمع ونشاهد شهادات أطباء بأنهم تلقوا مخاطبات رسمية بتسجيل الإصابة بفيرس كورونا كسبب للوفاة، وأن هناك محاولات لتضخيم أعداد المصابين والمتوفين في الولايات المتحدة الأمريكية تحديدًا.
ومع فيرس لا زالت تُجرى الدراسات حول أفضل الوسائل لتشخيصه، وبحسب أغلب الباحثين فإن 80% من المصابين به لا تكاد تظهر عليهم أية أعراض، فلا ينقصنا إلا محاولات التلاعب في البيانات المتاحة لأجل إحداث مزيد من الهلع والذعر في العالم. فضلًا عن عدم الشفافية بشأن أعداد الحالات الحرجة في كثير من البلدان؛ ما يجعل هناك ضبابية حول حقيقة الوضع الصحي في العالم.
وبالنسبة لمصر، يحق لي أن أتساءل: من أين فهمت وزيرة الصحة المصرية أن أداء الوزارة سيُقيم بشكل سيء في حال سجلت أعداد مصابين أكثر بالفيرس وأنه ينبغي المحافظة على أعداد المصابين المعلنة في حدود معينة؟! علمًا بأن معدل الإصابات بالنسبة لعدد السكان، ومعدل النمو اليومي للإصابات في مصر لا زال صغيرًا جدًا، ومتوقع انكسار المنحنى وهبوط الأعداد قبل نهاية شهر مايو.
لقد بدأت إحصائية الأعداد المسجلة لدينا في مصر في منتصف شهر فبراير المنقضي بأعداد قليلة للغاية يوميًا، فكانت بالعشرات ولم تطأ خانة المئات، وتم المحافظة على هذا المعدل المنخفض لحوالي ثلاثة أشهر، ثم هبطت الأعداد لأيام معدودات، وانكشف السبب وراء هذا الانخفاض بأنه قد حدث بعد تقليل عدد المسحات اليومية، ثم فجأة -وفي الأيام الأخيرة- حدثت طفرة في أعداد المصابين المعلنة اليومية، لتعويض عامل الزمن!

وبدا للمتابع أن هناك رغبة واضحة في زيادة أعداد الإصابات المعلنة في مصر لتتناسب نوعًا ما مع عدد السكان، فزادت المسحات التشخيصية ومن ثم زادت أعداد الحالات الإيجابية، وكان أغلب من تم حجرهم ممن لا تظهر عليهم أعراض! وكذلك تم الإعلان عن إصابة بعض المشاهير كمحافظ الدقهلية ووزير البترول السابق وفنانة شهيرة، وهي طريقة غير مباشرة للإيحاء بوجود شفافية في الإعلان عن جميع الحالات الإيجابية بلا استثناء، وهو ما أصبح مشكوك فيه.
وجاءت هذه الزيادة على خلاف الحال في كثير من دول العالم الأشد تضررًا بالفيرس والتي انقضت ذروة المرض فيها منذ زمن؛ فالصين -بؤرة التفشي الأولى للفيرس- أعلنت سيطرتها على المرض منذ حوالي شهرين. ومنذ منتصف مايو تتوالى على أسماعنا أخبارًا تأتي من دول عديدة بتراجع حالات الإصابة وأعداد الوفيات من جراء المرض، منها دولًا عربية تجاورنا كالأردن وفلسطين وليبيا، بل سُجل التراجع في الدول الأكثر تضررًا من الفيرس بأوروبا كإيطاليا وإسبانيا وفرنسا. كما أعلنت السلطات الصحية في كوبا عن حالتي وفاة فقط بكورونا خلال الأيام الماضية. وفي اليابان أعلنت السلطات الخميس الماضي إلغاء حالة الطوارئ المفروضة لمكافحة تفشي كورونا وذلك في ثلاثة أماكن غرب اليابان.
فهل يُعقل أن ترتفع أعداد المصابين في مصر بهذا الإطراد في الوقت نفسه الذي تنحفض وتتراجع فيه أعداد الإصابات في جميع الدول من حولنا، وأكثر من 95% من هؤلاء المعدودين لم يحولوا إلى مستشفيات العزل بل عزلوا في المدن الجامعية لعدم وجود أعراض طبية خطرة لديهم! لكن، في الوقت ذاته يتم رفض أخذ مسحات وعزل من تظهر عليهم الأعراض؛ لدرجة أن فقدنا أربعة من شباب الأطباء في أول أيام عيد الفطر!
وإذا أردنا مواجهة مشاكلنا فعلينا أن نكون صرحاء؛ إذ يبدو أن هناك أناسًا لا يبلغون عن إصابتهم أو عن وجود حالات مصابة بفيرس كورونا لديهم من الأقرباء إلا في حال عدم تحسن المصاب واستشراء المرض، وعندها تتلكأ أجهزة وزارة الصحة وتتردد في قبول عزل المرضى، ليقين تلك الأجهزة أن احتمالات نجاتهم ضعيفة، وقد يموتون بالفعل، فتزيد من ثم أعداد الموتى في إحصائياتهم.
والحال يشبه ما كان يحدث في مستشفى سرطان الأطفال 57357 من رفض لأي حالة مرضية تلقت علاجًا سابقًا ببروتوكول غير البروتوكول العلاجي المستخدم فيها، لأن إدارة المستشفى تتوقع عدم تقدم الحالة بعد تلقيها علاجًا سابقًا خاطئًا، وهي بهذا تضع لنسب الشفاء المرتفعة لبروتوكول المستشفى الأولوية عن تقديم العلاج للمرضى!
وكمواطنة لدي قدر كافٍ من التعليم والثقافة العلمية تذكرني متابعة ما يحدث بالطالبة الفاشلة التي كانت تحاول الغش –بغشومية- في بيانات التجربة بلا مبرر فيأتي المنحنى مشوهًا عجيبًا غريبًا يكاد ينطق بحدوث تلاعب فيه!
زفات الفيسبوك
ويبدو أن الوزارة لا تدرك أثر البلبلة التي يحدثها تزايد الحالات التي تأخرت في تلقي العلاج وباتت حرجة، والتي تعاني أو يعاني أقرباؤها للتبليغ عنها وقبولها في مستشفيات وزارة الصحة لتلقي العلاج، أو الحالات التي توفي أصحابها بالمرض مع تأخر أو رفض عزلهم من قِبل وزارة الصحة المصرية؛ إذ يصاحب المنشورات عن كل حالة من تلك الحالات على صفحات وسائل التواصل -على الفيسبوك تحديدًا- من أقاربهم وأصدقائهم هرج ومرج وضجة لا تماثل أو تقارب الإعلان اليومي عن 500 إصابة و 20 وفاة! وهي المشكلة الأكبر من وجهة نظري التي تمنع المواطن من تقييم الوضع دون تهويل أو تهوين.
ولا أعلم من هو المسئول تحديدًا عن هذا الغباء برفض قبول المرضى المتأخرة حالتهم، وألا يُقبلوا إلا بعد زفة على الفيسبوك، وبعضهم يموت قبل أن تلتفت إليه أجهزة الوزارة! وبعد أن يكونوا قد أسهموا في خلق حالة من الهلع لدى باقي الشعب عند نشر تطورات الموقف على وسائل التواصل الاجتماعي، تشعرنا بأن كورونا يفتك بنا، رغم أن أعداد الإصابات ومعدل نمو الأعداد اليومي من أضعف ما يكون، حتى بعد طفرة زيادة الأعداد في الأيام الأخيرة.

توفير في غير محله ولا وقته!
في عدد المثقف صباح الخميس الماضي كتبت متسائلة عن افتقادنا للبيانات الإحصائية ذات القيمة في البيان اليومي لوزارة الصحة المصرية عن تطورات إصابات فيرس كورونا؛ حيث يتم إخفاء أعداد المصابين ذوي الحالات الحرجة؛ وهو من أهم المنبئات لمدى تفشي الجائحة ودرجة خطورتها، وبالمصادفة البحتة جاء بيان وزير التعليم العالي ظهر يوم الخميس الماضي –يوم نشر المقال- عن وضع الخدمات الصحية متضمنًا إحصائية مختصرة عن حجم المنظومة الصحية الحكومية، وإحصائية أخرى عامة عن أعداد الحالات الحرجة.
أظهرت الإحصائية أن إجمالي عدد أسرة المستشفيات الحكومية بمصر (وزارة الصحة + المستشفيات الجامعية) هو 92.757 ألف سرير، وعدد أسرة الرعاية المركزة 9264 سرير، وعدد أجهزة التنفس الصناعي 5237 جهاز، بدون إضافة مستشفيات القوات المسلحة والداخلية وباقي الوزارات. وبالنسبة للحالات الحرجة: يوجد حاليًا في مستشفيات العزل 2000 مصاب فقط، من بينهم 250 بالعناية المركزة و50 على أجهزة التنفس الصناعي، وباقي المصابين المعزولين حالاتهم أفضل وانتقلوا لأماكن عزل ثانية وأغلبها المدن الجامعية. وهذه البيانات تعني أن الوضع ليس حرجًا وليس في سبيله ليكون كذلك.
وأرى أنه حتى مع تأكدنا من وجود حالات لا تظهر عليها أعراض أو تظهر عليها أعراض خفيفة فإن ذلك يصب في صالح نظرية التخفيف من إجراءات الحظر، ويؤكد نظرتي التقييمية بأن الوضع ليس خطرًا إجمالًا في ضوء البيانات المتاحة، ومن الواضح أنه سينفرج قريبًا بعد إجازة العيد، بل هو انفرج بالفعل، وطفرة الزيادة في أعداد المصابين في الأيام الأخيرة لا وزن لها لعدم وجود حالات حرجة بينها، ولكنه كان قرارًا صائبًا بعدم الإعلان عن انفراج الوضع في العشر الأواخر من رمضان أو إجازة العيد، وربما كانت الفائدة الوحيدة –رغم التلاعب الواضح- في زيادة عدد المسحات لزيادة الأعداد المعلنة هو تخويف الناس من زيادة الاختلاط، وهو أمر جيد قبل الانكسار التدريجي للمنحنى الذي سيبدأ قريبًا مع استمرار سياسة التباعد الاجتماعي وأخذ الاحتياطات قدر الإمكان.
لكن السؤال الذي ينبغي علينا أن نسأله الآن هو: طالما لدينا أسرة مستشفيات وأجهزة تنفس صناعي فائضة، لماذا نسمع عن حالات متكررة للإهمال الطبي من وزارة الصحة حتى في حق الأطباء؟!
والبيانات الأخيرة التي أعلنها وزير التعليم العالي تشير إلى أن المنظومة الصحية كبيرة وقادرة على احتمال أعدادًا أكبر بكثير من أعداد المرضى الحاليين؛ ما يجعلنا لا نفهم مبررات حالة الشُح في تقديم الخدمات الصحية لمن يحتاجها، سواء من الأطباء المصابين أو غيرهم من المرضى، في الوقت ذاته الذي تكون فيه الدولة على أهبتها بعد إعلان مرض فنانة كبيرة بالفيرس، مع حجز حجرة للعناية المركزة وجهاز تنفس صناعي لها لاحتمال احتياجها إليهما لاحقًا في حال ساءت حالتها. ولا أريد أن يُفهم كلامي خطأً فهذه الفنانة لها الحق في العلاج، ولكن لغيرها أيضًا الحق فيه.
ولكن لماذا يتم تصدير أخبار الفنانين لنا في محاولة التغطية على أخبار الأطباء؟! ولماذا تتكرر محاولات النيل من الأطباء والتضييق عليهم، والكيد لهم حتى في تأخر أو عدم توفير الرعاية الصحية عند تأكد إصابتهم؟ هؤلاء هم ذخر الوطن وزبدة عقوله، والبلدان التي تريد التقدم تعرف لهم قدرهم.
وخلاصة ما يمكن استنتاجه من خلال البيانات المعلنة أن هناك قدرًا محدودًا من إمكانياتنا الصحية فقط هي المتاح استخدامها للمدنيين حتى في ظروف كالتي تمر بها البلاد، والبقية الباقية متروكة دون استخدام في حال ساءت الأوضاع وتفشى الفيرس، واحتاجتها الفئات المميزة في المجتمع من عسكريين وشرطة وقضاء وغيرها! علمًا بأن هذه الفئات لها مستشفيات خاصة بها، فلماذا تُستبقى مستشفيات حكومية دون تفعيل خدماتها للمواطنين المصابين؟ ولماذا لا يتم تخصيص مستشفيات عزل جديدة من بين المستشفيات الحكومية، أو نقل أجهزة تنفس صناعي من المستشفيات غير المخصصة للعزل إلى الأخرى التي يوجد بها عزل للمرضى؟ وسأقولها بالبلدي: أنتم بتستخسروا فينا؟!
***********************

ذروة أي وباء تبدأ بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من تسجيل أول حالة إصابة داخل البلد،
ويستحيل تسجيل أي ذروة أخرى طالما هناك إغلاق ومنع للسفر الخارجي
وفي كل البلاد اللي جنبنا المنحنى اتصفر. تونس بقى لها يومين هي كمان من غير إصابات، وقبلها غزة والأردن وليبيا، والمغرب المنحنى هبط لـ 23 إصابة بعد أن كان بالمئات.
حتى إيطاليا هبطت لـ 300 إصابة فقط في اليوم
ما يحدث من زيادة أعداد في الإصابات المعلنة الآن في مصر بسبب زيادة عدد المسحات التشخيصية التي تقوم بها الوزارة، وأكثر من 95% من هؤلاء المفحوصين لا تظهر عليهم أي أعراض، ومعزولون حاليًا في المدن الجامعية.
فيه مليار دولار ولازم الأعداد تعلى عندنا عشان يتبرر صرفهم
السيدة وزيرة الصحة تسببت في بلبلة كبيرة وتوهم الشعب بأننا مقبلون على ذروة في الوقت الذي يسجل المرض تراجعًا في العالم بأسره، بل وفي مصر هناك تراجع حقيقي بعيدًا عن الأرقام الظاهرية!
عندما تصر أن تتذاكى على العالم بأن الإصابات عندك وقت الذروة 20 في اليوم
تصبح أضحوكة العالم عندما تضطر لإظهار الأعداد الحقيقية متأخرًا
فيصير منحناك تصاعديًا في الوقت الذي يهبط المنحنى في العالم أجمع
وإن شاء الله سيتم تدريس هذا التلاعب في مقررات علم الأوبئة قريبًا
ذروة الوباء انتهت في مصر من منتصف مارس
**********************
ملخص وضع كورونا الحالي في مصر: (29 مايو 2020)
سبب زيادة الأعداد المعلنة زيادة أعداد من يتم عمل تحليل PCR لهم، عشان في النهاية عند تصفير المنحنى بعد شهر ونصف -على منتصف يوليو- يتقال طلع عندنا 70 ألف أو 100 ألف مصاب، ويكون فيه تبرير للمبالغ المنصرفة.
ومتوقع يبدأ الهبوط التدريجي في الأعداد من الأسبوع القادم، عشان تطلعوا أنتم الغلطانين وخرجتم في العيد ونشرتم المرض، والحكومة الشاطرة سيطرت عليه.
والوزارة مش عايزة تفتح مستشفيات عزل جديدة، رغم وجود مستشفيات كاملة حكومية غير مخصصة للعزل وبها أسرة متاحة وغرف عناية مركزة وأكثر من 5000 جهاز تنفس صناعي غير مستخدم.
وبيرفضوا يقبلوا المرضى في المستشفيات، وفيديوهات أهالي المرضى اللي المستشفيات رافضة استقبالهم مغرقة الانترنت.
والمشكلة إن عدم عزل المرضى بيسبب زيادة نشر المرض، وعدم السيطرة عليه.
عايزين يزودوا الأعداد المعلنة بناس نتيجتهم إيجابية لكن ماعندهمش أعراض، عشان نسب الشفاء بعد كده تطلع عالية، لأن المرضى احتمال موتهم عالي، فمش عايزين يسجلوهم كحالات إصابة من الأساس.
ونتيجة كل ما سبق إننا البلد الوحيد في نصف الكرة الشمالي من الكوكب اللي منحنى المرض عندنا تصاعدي!
والنصيحة: زودوا مناعة أجسامكم بأكل صحي (بروتين وخضر وفاكهة وحبة البركة) وخدوا فيتامينات ومعادن وحافظوا على سيولة الدم بشرب ماء كثير.

الأربعاء، 20 مايو 2020

229-بيانات الإصابة بفيرس كورونا المستجد


بيانات الإصابة بفيرس كورونا المستجد
د/ منى زيتون
الأربعاء 20 مايو 2020
وعلى المثقف، الخميس 21 مايو 2020

أتابع كما يتابع غيري بيانات الأعداد المسجلة للحالات المصابة بفيرس كورونا المستجد في مصر وفي غيرها من الدول العربية والأجنبية؛ أخذًا في الاعتبار أن تلك الأعداد التي يتم تسجيلها في كل دولة تتناسب طرديًا مع عدد الحالات التي يتم عمل مسحات تشخيصية للفيرس لها، والتي تختلف من دولة لأخرى؛ ولأن أعداد من تم عمل المسحات لهم وفق الاختبارات التشخيصية المستخدمة قد زادت، فقد زادت إطرادًا أعداد المصابين المسجلة.
والملاحظ لي أن بيان وزارة الصحة المصرية اليومي عن الفيرس هو بيان عام، يعطي رقمًا مجملًا لأعداد الإصابات وأعداد المتشافين وأعداد الوفيات، ولا قيمة حقيقية له في إعطاء تقدير واقعي لحجم المشكلة الصحية التي نمر بها، على عكس الحال في البيانات الصادرة عن كثير من الدول المتقدمة.
ولعله مما يثير شك كثيرين –ولست منهم- في الأرقام الواردة في البيان اليومي لوزارة الصحة المصرية أن أعداد الوفيات قليلة للغاية مقارنة بأعداد الإصابات التي يتم تشخيصها. وفي رأيي إن هذا يرجع لعدم إبراز عدد ذوي الحالات الحرجة من بين الأعداد العامة للمصابين.
ولا يلزم أن تكون طبيبًا لتعرف أن أعداد ذوي الحالات الحرجة وأعداد الموتى هي الأهم في تقدير حجم المشكلة الصحية؛ وإلا فإنه مقارنة بالأنفلونزا الموسمية فملايين من البشر تصيبهم أعراضها كل عام، ولكن كم شخصًا يضطر إلى أخذ إجازة مرضية من عمله لأنها ألزمته الفراش أو يدخل المستشفى أو تسوء حالته لدرجة إدخاله غرفة العناية المركزة؟! وكم شخصًا يموت بسبب إصابته بها؟!
وبالنسبة لأعداد الموتى فهناك أطباء في أمريكا أعلنوا على شاشات التليفزيون الأمريكية أنهم تلقوا مطالبات من وزارة الصحة في ولاياتهم بتسجيل الإصابة بالفيرس المستجد كسبب للوفاة حتى مع عدم فحص المتوفي قبل موته للتأكد من إصابته، وأن هذا هو السبب الرئيسي في ارتفاع الأرقام الخاصة بالموتى في الإحصائيات في أمريكا!
وهناك أطباء أيضًا شككوا في قدرة الاختبارات التشخيصية المستخدمة على تمييز المرضى، وقرأت تقارير عن بعض من تم تشخيصهم خطأ مرات عديدة؛ أظهر الاختبار إصابة أحدهم رغم عدم ظهور أي أعراض عليه، وتم حجره صحيًا بأحد المستشفيات، وظل شهرين في الحجر دون ظهور أعراض، مع استمرار ظهور نتيجة اختبار التشخيص إيجابية، حتى خرج أخيرًا بعد نتيجتين سلبيتين!
نعلم أنه فيرس جديد، ومعلومات العلماء عنه وليدة، وأن الاختبارات التشخيصية المستخدمة هي أفضل المتاح حاليًا، وأن العمل جارٍ على قدم وساق لتطوير اختبارات دقيقة موثوقة، وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA قد صرَّحت بأكثر من 80 اختبارًا تشخيصيًا لفيروس كورونا المستجد حتى الآن، ولكن من الواضح أن نقص المعلومات المتوفرة لدى العلماء حول الفيرس وكيفية انتشاره وآلية عمله داخل الجسم وإصابته للخلايا يؤدي إلى أخطاء في التشخيص، فتظهر النتائج سلبية لبعض المصابين، بينما تظهر إيجابية لمن لا تظهر عليهم أي أعراض، وقد تبقى تلك النتائج المعكوسة على الحال ذاته لعدة مرات اختبارية قبل أن تتبدل إلى الحقيقة فتتكشف إصابة من ظهرت عليه الأعراض منذ البداية وتظهر نتائجه إيجابية بعد أن كانت سلبية لفترة لأمر غير مفهوم! وتنقلب نتائج من لم تظهر عليه أعراض إلى سلبية، وهو التشخيص السليم وفقًا لما يبدو من حالته.
وتؤكد البيانات القادمة من دول أوروبا أن أعداد المرضى ذوي الحالات الحرجة في تناقص ملحوظ، وهذه البيانات تحديدًا يصعب تزييفها، فليست كأعداد الذين تم تشخيصهم إيجابيًا و 80% منهم –بحسب إحدى الدراسات- لا تظهر عليهم أي أعراض، والأزمة التي كانت موجودة في أجهزة التنفس الصناعي بالمستشفيات قد انتهت في أوروبا تمامًا وفي غيرها من البلدان، حتى في إيطاليا التي احتاج أطباؤها وضع مريضين على جهاز تنفس صناعي واحد في ذروة الأزمة.
وباختصار شديد، فإننا كمواطنين بحاجة إلى إيضاح أعداد المصابين ذوي الحالات الحرجة قيد العزل في المستشفيات في البيان اليومي لوزارة الصحة المصرية، وباقي بيانات وزارات الصحة العربية، وعدد ما يستجد من حالات حرجة، وعدد من تطورت حالاتهم إلى حالات حرجة، بالإضافة إلى أعداد الموتى الذين تأكدت وفاتهم من جراء الإصابة بالفيرس، وليس إعطائنا رقمًا لعدد الحالات التي تم تشخيصها بالإصابة، وبعضهم لم يعاني إلا من عطس وجفاف في الحلق، وبعضهم الآخر لم يشعر بأي أعراض!
وكلامي هذا ليس نفيًا لوجود خطر على حياة بعض البشر من الإصابة بالفيرس المستجد، ولكن طريقة عرض البيانات المستخدمة هي طريقة غير سليمة، وهي تضللنا دون قصد، وتضخم الأزمة التي نشعر من خلال تعاملاتنا اليومية أنها بالفعل قد خفت، وليست في تصاعد كما يشير مؤشر البيانات الإحصائية العام المعلن. ومن الواضح أن ذروة المرض بالفعل قد انتهت وهو الآن في مرحلة تراجع مع تناقص أعداد ذوي الحالات الحرجة عبر العالم، ولكن هناك شركات أدوية تتسابق لإنتاج أدوية بغرض تسويقها، ومن غير الملائم الآن إغلاق ملف فيرس كورونا وإعادة الحياة على الكوكب إلى مسارها الطبيعي.

السبت، 9 مايو 2020

228-منازل القمر


منازل القمر
د/ منى زيتون
الجمعة 8 مايو 2020 الموافق 15 رمضان 1441هـ
وعلى المثقف، الأحد 10 مايو 2020


في عصرنا الحديث –وعلى الرغم من تطور علوم الفضاء- إلا أن علم الفلك التقليدي ‏قد قلت أعداد العارفين به، وهو أمر عجيب بالنسبة لأمة ترتبط شعائرها الأساسية بحركتي ‏الشمس والقمر.‏

والعرب منذ عصر الجاهلية لم يلتفتوا بالأساس كثيرًا إلى الشمس بل إلى طالع ‏الشمس، وما كان يعنيهم أكثر هو تقلب القمر في المنازل لمعرفة حظوظهم وحظوظ ‏مواليدهم، ومعرفة أنسب مواعيد للسفر وللزواج وغيرها من أمورهم الحياتية، وكذا اهتموا ‏كثيرًا بظهور نجوم أي منزلة من المنازل القمرية في الأفق جهة الشرق (في ‏الطالع)، عند الفجر وقبل طلوع الشمس، واستدلوا بها على تغيرات المناخ.‏

فما هي منازل القمر؟

يقول تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ﴾ [يس: 39].

وفي هذه الآية الكريمة يخبرنا تعالى وعظم فضله أن من دلائل قدرته، وهو ربنا ‏القادر على كل شيء، أنه قدّر أن يتنقل القمر في منازل نجمية أثناء دورانه حول الأرض، ‏منذ أن يبدأ دورته هلالاً وليدًا في إحدى تلك المنازل، ويزيد نوره ويتزايد وهو يتنقل في ‏المنازل فيكتمل بدرًا ثم يبدأ في التناقص، حتى يعود هلالًا آخر الشهر في المنزلة ذاتها، ثم ‏يخبو نوره، ليُولد هلال جديد بعد اقترانه بالشمس في منزلة أخرى في البرج التالي. ‏

فمن عجائب قدرته سبحانه أن المنزلة التي يولد فيها نور الهلال ويتزايد فيها أول كل ‏شهر عربي هي ذاتها المنزلة التي يبدأ يخبو فيها نوره حتى يصير محاقًا. فكأن طاقة جديدة انتشرت ‏في الكون مع مولد الهلال، ولا بد أن تنطفئ تلك الطاقة، لتولد طاقة جديدة مع هلال ‏جديد.‏

 وعدد هذه المنازل النجمية التي يحل القمر عليها ضيفًا في رحلته الشهرية حول الأرض ثمانٍ وعشرون منزلة، يقضي في كل منزلة منها حوالي اليوم، وعلى التدقيق 23 ساعة وثلث الساعة تقريبًا. وبذا يتم القمر دورة كاملة حول الأرض يكون قد دار فيها في المنازل الثماني والعشرين في 27 يومًا وسبع ساعات و43 دقيقة تقريبًا، ويعود للمنازل التي بدأ منها هلالًا أول الشهر لينهي فيها دورته كهلال آخر الشهر في يومين إضافيين، ويخبو نوره، ليقابل الشمس ويقترن بها مرة أخرى بعد 29 يومًا ونصف اليوم، ليُولد هلال جديد كعرجون النخل ويبدأ شهر قمري جديد.

والسبب في الاحتياج إلى اليومين الإضافيين لحدوث الاقتران مرة أخرى وميلاد هلال جديد أن الأرض أثناء دوران القمر حولها لا تكون ساكنة، بل تتحرك هي الأخرى حوالي 27 درجة في مدارها حول الشمس، لتبدو لنا الشمس قد تحركت في دائرة البروج 27 درجة، ويلزم القمر أن يبلغ ذلك الموضع الجديد كي يحدث الاقتران بينه وبين الشمس.

منازل القمر والبروج

يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ [الحجر: 16].

وبروج السماء أو الكوكبات المعروفة هي تشكيلات من المجموعات النجمية المتقاربة ‏ظاهريًا التي تتناثر في السماء، والتي تصورها البشر في الحضارات المختلفة على صورة ‏حيوانات أو بشر أو كائنات أسطورية.‏

وقد رصد الإنسان منها منذ القدم عدد 88 كوكبة، تتناثر على الدائرة الوهمية التي ‏تُعرف بدائرة البروج أو دائرة الأفق حول الأرض، ويقسمها خط استواء سماوي إلى نجوم ‏شامية جهة الشمال، ونجوم يمانية جهة الجنوب. وعدد درجات دائرة الأفق 360 درجة، يقع ‏عليها أربعة عشر برجًا (كوكبة)، ولكن درجاتها مقسمة فقط على اثني عشر برجًا منها، هم ‏بروج الطوالع، ودرجات كل برج من البروج الاثني عشر 30 درجة.‏

وتختلف البروج (الكوكبات) التي يمكن أن تُرى في كل من نصفي الكرة الأرضية ‏الشمالي والجنوبي، ودائمًا هناك قسم كبير من كوكبات النصف الشمالي للكرة الأرضية التي لا ‏يُمكن رؤيتها من النصف الجنوبي، والعكس صحيح. كما أن المساحة التي تُرى من السماء ‏تعتمد على خط العرض، ولهذا كان للأمم القديمة اختلافاتها في تخيل شكل واتساع ‏المجموعات النجمية التي تتجمع معًا فتكون الكوكبات، والمجموعات النجمية الأصغر فيها ‏والتي تكون من بعضها منازل القمر.‏

ووفقًا لما اتفق عليه اتحاد الفلك الدولي سنة 1930 فإن عدد كوكبات نصف الكرة ‏الأرضية الشمالي هو 31 كوكبة، وعدد كوكبات نصف الكرة الأرضية الجنوبي 52 كوكبة، ‏إضافة إلى 5 كوكبات تقع بينهما على خط الاستواء السماوي.‏

ودائمًا ما تظهر 180 درجة فقط في الأفق، تُعرف بالقبة السماوية، وتختفي 180 ‏درجة الأخرى من دائرة البروج، وكلما ارتفعت درجة من جهة الشرق غربت درجة مقابلة من ‏جهة الغرب. وتتم دائرة البروج بنجومها دورتها الظاهرية حول الأرض كل 24 ساعة تقريبًا، ‏وتبدو الشمس فيها تدور حركة ظاهرية غير حقيقية حول الأرض، ومثلها في ذلك باقي ‏الكواكب، وتبقى الشمس في كل برج منها شهر تقريبًا، لتتم الشمس تلك الدورة الوهمية في ‏مدة 365 يومًا وربع اليوم، بينما الحقيقة أن الأرض تدور حول الشمس من الغرب إلى ‏الشرق، فتبدو لنا الشمس تشرق علينا كل يوم من الشرق إلى الغرب! ومن هذه الدورة تحدث ‏السنة الشمسية للأرض.‏

والمجموعات النجمية المكونة لمنازل القمر ليست منفصلة عن النجوم المكونة ‏للبروج (الكوكبات) على دائرة البروج، بل أغلبها هي أجزاء من البروج الاثني عشر المعروفة ‏ومعها كوكبة الجبار التي تقع بين الثور والجوزاء، وكوكبة الفرس العظيم (الحصان المجنح) ‏التي تتموضع بين الدلو والحوت. ويدور فيها القمر حول الأرض، ولكل منزلة منها اسم محدد.‏

منازل القمر وفصول السنة

كان العرب يعتبرون طلوع المنازل عند الفجر لتحديد فصول السنة وتغيرات المناخ، ولكن رأيت أن الأسهل للشرح والتوضيح أن أتتبع فصول السنة كما نعرفها وفقًا للسنة الشمسية، وعرض المنازل التي تتبعها.

وكل فصل من فصول السنة الأربعة يضم ثلاثة بروج، بإجمالي 90 درجة من دائرة البروج، وتتوزع في درجات البروج الثلاثة سبع منازل من منازل القمر، تبلغ درجات كل منزلة منها 12.85 درجة، يقطعها القمر في يوم تقريبًا (23 ساعة وثلث)، بينما تبقى فيها الشمس حوالي 13 يومًا في حركتها الظاهرية.

فمنازل بروج الربيع (الحمل والثور والجوزاء) هي: الشرطان- البطين- الثُريا- الدِبران- الهقعة- الهنعة- الذراع.

ومنازل بروج الصيف (السرطان والأسد والعذراء) هي: النثرة- الطرفة- الجبهة- الخرثان- الصرفة- العوَّاء- السِمَّاك.

ومنازل بروج الخريف (الميزان والعقرب والقوس) هي: الغفر- الزبانى- الإكليل- القلب- الشولة- النعايم "الغنائم"- البلدة.

ومنازل بروج الشتاء (الجدي والدلو والحوت) هي: سعد الذابح- سعد بلع- سعد السعود- سعد الأخبية- الفرع المقدم- الفرع المؤخر- الرشا "بطن الحوت".

ولنأخذ منازل فصل الربيع كمثال لنرى كيف تتوزع درجات المنازل السبع على البروج الثلاثة:

-تبدأ منزلة الشرطين من بداية الحمل وحتى الدرجة 12.85 منه.

-ثم تليها منزلة البطين، وتبدأ حيث تنتهي درجات الشرطان في 12.85، وتنتهي في الدرجة 25.7 من الحمل.

-لتبدأ بعدهما درجات منزلة الثريا، وهي منزلة ممتزجة تقع بين الحمل والثور؛ إذ تشغل 4.3 درجات الأخيرة من درجات الحمل وأول 8.55 درجات من بداية الثور، ليكون مجموع درجاتها هي الأخرى 12.85 درجة.

-وبعدها تبدأ درجات منزلة الدِبران من الدرجة 8.55 من الثور، وتنتهي عند الدرجة 21.4 من الثور.

-وبعدها تبدأ منزلة الهقعة، وهي منزلة ممتزجة تقع درجاتها بين الثور والجوزاء، فتشغل 8.6 درجات الأخيرة من الثور، و 4.3 درجة من أول الجوزاء.

-ثم منزلة الهنعة، وتقع بتمامها في الجوزاء ما بين الدرجات 4.3 و 17.15.

-والذراع آخر منازل بروج الربيع، وتقع في آخر الجوزاء ما بين الدرجة 17.15 والدرجة 30 من الجوزاء.

وهكذا فإن البرج الأول من الفصل بأوله منزلتان، والبرج الثاني في قلبه منزلة، والبرج الثالث في آخره منزلتان، وتوجد منزلة ممتزجة بين البرج الأول والبرج الثاني، ومنزلة ممتزجة بين البرج الثاني والبرج الثالث، والحال ذاته في كل فصل.

والمجموعات النجمية للمنازل –كما أسلفنا- هي غالبًا أجزاء من المجموعات النجمية ‏للبروج الاثني عشر، وهي تختلف بين الأمم؛ وعلى سبيل المثال فنجوم منزلة النثرة هي فم ‏الأسد عند العرب، ومنزلة الطرفة هي عين الأسد عند العرب، وهما منزلتان من برج ‏السرطان، لأن العرب كانت تتوسع في تصوير الأسد، وبرج السرطان بالكامل كما يُعرف عند ‏الروم وفي الفلك الحديث بمنزلتيه القمريتين كان ضمن كوكبة الأسد عند العرب، ونجمة ‏السماك الأعزل هي السنبلة في يد العذراء عند الروم وهي ساق الأسد عند العرب، ونجمتا ‏الذراع هما رأسا التوأم (الجوزاء) عند الروم وهما أيضًا ذراع الأسد عند العرب! ونجمتا منزلة الزبانى هما ‏زبانى العقرب عند العرب بينما هما كفتا الميزان عند الروم.‏

وتوجد منازل من تكوينات نجمية أخرى غير البروج الاثني عشر؛ فنجوم منزلة الهقعة ‏الثلاثة هي رأس الجبار، والفرغ المقدم والفرغ المؤخر هما أربع نجوم مضيئة؛ اثنتان اثنتان ‏ضمن كوكبة الفرس، وهكذا.‏

وهناك أقوال متناثرة عن كل منزلة من منازل القمر؛ فيُحكى أن القمر كان في منزلة ‏سعد الذابح يوم أن هم أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل بذبح سيدنا إسماعيل. ويقولون إن ‏أفضل السمك يُصاد ويؤكل من دخول الشمس منزلة السِمَّاك الأعزل وبداية السنة القبطية ‏‏11 سبتمبر من كل عام ولمدة ستة شهور، وحتى تدخل الشمس منزلة بطن الحوت، فإذا ‏دخلت بطن الحوت بعد 10 أيام من بدء مارس لم يطب السمك، علمًا بأن اسم السِماك ‏ذاته لا علاقة له بالسمك! وكانوا يسمون الغفر منزلة الكنوز والبحث عن الأشياء المخفية!‏

منازل للقمر وليست للشمس

وإن كانت الشمس تنتقل في تلك المنازل أثناء رحلتها في دائرة البروج، فطاقتها لا تتأثر كثيرًا بالمنازل، فهي منازل للقمر وليست للشمس، والشمس عند عبورها يُقال إنها انتقلت بين البروج ولا يهم في أي منزلة من البرج، فتتأثر بطاقة المجموعة النجمية للبرج بالكامل وليس بطاقة نجوم المنزلة، كما أن طاقة الشمس لا تمتزج، فإن كانت الشمس في الحمل فلا يهم إن كانت في الشرطين أم البطين أم الدرجات الأولى من الثريا قبل أن تنتقل إلى الثور، وإن كانت في الدرجة الأخيرة من الحمل فهي في الحمل وتتأثر بطاقة الحمل وليس بطاقة منزلة نجوم الثريا الممتزجة بطاقة الحمل والثور. بينما القمر يتقلب ويمتزج في المنازل داخل الأبراج، وتختلف طاقته وسعده من منزلة لأخرى داخل البرج الواحد، بل وفي المنزلة الواحدة إن كانت طاقتها ممتزجة بين برجين، وذلك عند انتقاله من درجات المنزلة في البرج الأول إلى درجات المنزلة في البرج الثاني.

وكان العرب وسائر الأمم القديمة يعتقدون أن الشمس طاقة ذكرية نارية تغيراتها متدرجة، والرجل يرتبط سيكولوجيًا وفسيولوجيًا بالشمس، بينما القمر طاقة أنثوية مائية شديدة المزاجية والتغير، والمرأة ترتبط سيكولوجيًا وفسيولوجيًا بالقمر.

ولكل منزلة من منازل القمر طاقة تتفق وطاقة البرج الذي توجد فيه، مع اختلاف، فالشرطان والبطين كلاهما منزلتان ناريتان توجدان ضمن كوكبة الحمل، لكن الشرطين اعتبرها العرب تميل للنحس، بينما اعتبروا منزلة البطين منزلة سعيدة وتفيد باستفتاح الأعمال! وأما المنازل الممتزجة فطاقتها ممتزجة بطاقة البرجين الذين تتوسطهما، فالثُريا على سبيل المثال تقع بين برج الحمل الناري وبرج الثور الترابي، فتكون منزلة ممتزجة بين النار والتراب، والهقعة هي منزلة ممتزجة بين برج الثور الترابي وبرج الجوزاء الهوائي فتكون طاقتها ممتزجة تراب وهواء، وهكذا.

وبالنسبة لرصد نجوم المنازل –وهي أجزاء من المجموعات النجمية للبروج كما ‏أوضحنا-، فلا بد من الوضع في الاعتبار أن الشمس عندما تكون في درجات برج من البروج ‏الاثني عشر، فإنها ستشرق عند طلوع هذه الدرجة ضمن دائرة الأفق جهة الشرق، ولكن لن ‏يمكنك رصد نجومها بسبب سطوع الشمس، وأفضل أوقات الرصد لنجوم المنزلة القمرية ‏عندما تكون طالعة وقت الفجر قبل شروق الشمس، أخذًا في الاعتبار أن البرج في الطالع ‏وقت الفجر هو البرج الذي يسبق البرج الذي تكون فيه الشمس. ‏

لذا فإنه عندما تشرق الشمس في الثور فإن مجموعات النجوم في الطالع وقت الفجر ‏هي نجوم الحمل، وبالتقريب فإنه يمكن رصد مجموعة النجوم وقت الفجر التي تسبق الدرجة ‏التي فيها الشمس بحوالي 50 درجة، وهناك جداول محددة لزمن الرصد لكل منزلة، ويمكن ‏رصد المنزلة أيضًا عند مرور القمر بها، فهو يمر بكل منزلة ليلة واحدة كل شهر.‏

منازل القمر ولغة القمر!

ومنازل القمر 28 منزلة بعدد حروف اللغة العربية، ولمن لا يعلم فإن كل حرف من حروف العربية على ترتيب أبجد –وهو الترتيب الصحيح لحروف العربية- أُخذ رسمه من شكل نجمات المنزلة التي يأتي ترتيبه موافقًا لها؛ فحرف الألف أُخذ رسمه من نجمتي المنزلة الأولى وهي منزلة الشرطين، وحرف الباء أخذ ‏رسمه من النجمات الثلاث لمنزلة البطين، وهي المنزلة الثانية، وهكذا.‏

ولكل حرف حسابه العددي وقيمته العددية التي يُحسب منها الجُمل للاسم أو الكلمة، وكمثال: اسمي (منى) قيمته ‏العددية= م (40) + ن (50)+ أ (1)= 91 وبالتصغير لأحد الأرقام التسعة الأولية، وهي الأرقام ‏من (1) إلى (9)، تكون طاقته ضمن مجموعة الرقم (1).‏

كما أن لكل حرف منها طاقة تتوزع على الطباع الأربعة بالترتيب (النار- التراب- الهواء- الماء) بحيث تتجمع في أربع مجموعات، وكل مجموعة منها من سبعة حروف، ولا علاقة بين طاقة تلك الحروف وطاقة المنازل التي أُخذ رسمها منها. 

طاقة الحروف

نارية

ترابية

هوائية

مائية

المنزلة

الحرف

القيمة العددية

‏المنزلة

الحرف

القيمة العددية

‏المنزلة

الحرف

القيمة العددية

‏المنزلة

الحرف

القيمة العددية

الشرطان

أ

1

البطين

ب

2

الثريا

ج

3

الدبران

د

4

الهقعة

هـ

5

الهنعة

و

6

الذراع

ز

7

النثرة

ح

8

الطرفة

ط

9

الجبهة

ي

10

الخرثان

ك

20

الصرفة

ل

30

العواء

م

40

السماك

ن

50

الغفر

س

60

الزبانى

ع

70

الإكليل

ف

80

القلب

ص

90

الشولة

ق

100

النعايم

ر

200

البلدة

ش

300

سعد الذابح

ت

400

سعد بلع

ث

500

سعد السعود

خ

600

سعد الأخبية

ذ

700

الفرع المقدم

ض

800

الفرع المؤخر

ظ

900

بطن الحوت

غ

1000

ولكل حرف منها وزن للطاقة يؤثر في طاقة الكلمة التي يدخل فيها. ولأن كل مجموعة طاقية منها تضم سبعة حروف، فأول حرف ناري (الألف) يكون ميزانه الأعلى (7)، والحرف الناري الذي يليه (الهاء) يكون ميزانه أقل درجة (6)، وهكذا في كل مجموعة حروف.

وعليه فلوزن الاسم نراجع طاقة ووزن الحروف المكونة له، وترتيبها في الاسم؛ وفي مثال اسمي؛ ‏فحرف الميم= 4 ناري، ووزن النون= 4 ترابي، ووزن الألف= 7 ناري، وهذا يجعل طاقة ‏الاسم الكلية نارية، خاصة وأن الحرف الأول ناري، وبه حرف الألف وميزانه (7).‏ 

 

طاقة الحروف

ميزان الحروف

نارية

ترابية

هوائية

مائية

7

أ

ب

ج

د

6

هـ

و

ز

ح

5

ط

ي

ك

ل

4

م

ن

س

ع

3

ف

ص

ق

ر

2

ش

ت

ث

خ

1

ذ

ض

ظ

غ

ومعروف أن نصف حروف اللغة العربية قد استخدمها الحق سبحانه وتعالى كفواتح لبعض سور القرآن الكريم، وقد جمع بعض علمائنا القدامى هذه الحروف الأربعة عشر في عبارة "نص حكيم قاطع له سر".

وبالنظر إلى طاقة هذه الحروف الاستفتاحية سنجد أربعة حروف منها نارية (أ، هــ، ط، م)، وأربعة مائية (ح، ل، ع، ر)، وثلاثة هوائية (ك، س، ق)، وثلاثة ترابية (ي، ن، ص). وبالنظر إلى موازين هذه الحروف سنجد أن حرف الألف الناري وحده هو من الميزان 7، وهو أعلى الموازين، واختيرت من الحروف النارية الأربعة الأعلى ميزانًا، والحروف ذات الموازين (5) و (4) و (3) استخدمت كلها على اختلاف طاقاتها، باستثناء حرف الفاء الناري، والذي يعده اللغويون أضعف حروف اللغة العربية فلا توجد فيه صفة من صفات القوة (كالجهر والشدة والإطباق)، وكذلك الحروف الثمانية ذات ميزان الطاقة الضعيفة (2) و (1) جميعها متروكة، فلم تُستخدم في استفتاح سور القرآن، أيًا كانت الطاقة التي تتصف بها.

كما وقد لاحظت ملاحظة غريبة تختص بحروف فواتح السور القرآنية الأربعة عشر، إذا ما وزعنا الحروف بحسب المنازل التي أُخذ رسمها منها على بروج الفصول الأربعة.

فالحروف المشتق رسمها من منازل القمر السبع في بروج فصل الصيف وهي (ح، ط، ي، ك، ل، م، ن) جميعها من حروف فواتح السور القرآنية، والعكس تمامًا في الحروف السبعة المأخوذ رسمها من منازل القمر السبع في بروج فصل الشتاء وهي (ت، ث، خ، ذ، ض، ظ، غ) فجميعها مستثناة من استفتاح سور القرآن بها!

كما لاحظت تعاكسًا غريبًا بين حروف منازل الربيع وحروف منازل الخريف، فمن بين حروف منازل الربيع السبع استخدم الحرفان الناريان من بينها (أ، هـ) فقط في استفتاح السور –وكلاهما من حروف لفظ الجلالة-، واستبعدت حروف الربيع ذات الطاقات الترابية والهوائية والمائية (ب، ج، د، و، ز)، بينما في حروف منازل الخريف السبع كانت خمسة حروف منها من فواتح السور القرآنية (س، ع، ص، ق، ر) وطاقاتها ترابية وهوائية ومائية، ولم يُستبعد من حروف منازل الخريف سوى الحرفين الناريين فيها (ف، ش)! فهنا حرفان ناريان واستخدما، وهناك حرفان ناريان واستبعدا!

توزيع الحروف على المنازل تبعًا لفصول السنة

الربيع

الصيف

الخريف

الشتاء

أ

ح

س

ت

ب

ط

ع

ث

ج

ي

ف

خ

د

ك

ص

ذ

هـ

ل

ق

ض

و

م

ر

ظ

ز

ن

ش

غ

 وختامًا، فقد كانت هذه خلاصة لبعض مما أعرف عن منازل القمر، وبعض ملاحظاتي حول علاقتها بحروف اللغة العربية. وأتمنى أن يجد القارئ فيها الإفادة.