الأحد، 25 أغسطس 2019

209-نظرة تاريخية على تطور التعليم المختلط


نظرة تاريخية على تطور التعليم المختلط
د/ منى زيتون
أحد مقالات كتابي "اختلاط المراهقين في التعليم"
منشور الأحد 25 أغسطس 2019
يتفق كثير من الباحثين على أن التعليم المختلط يعني بالدرجة الأولى تعليم البنين والبنات جنبـًا إلى جنب، ليس في المدرسة نفسها فحسب بل في الفصل نفسه.
فكيف بدأ إدماج تعليم الإناث مع الذكور في تلك التربية المختلطة؟ وكيف تطور الأمر عبر العصور؟

تعليم المرأة في العصور القديمة
في العصور القديمة لم تحظ المرأة بالاحترام والتقدير، ولم تحصل على القدر من التعليم الذي أتيح للرجال، ولا تختلف في ذلك المرأة في روما القديمة عن المرأة الهندية أو الصينية أو اليونانية، ولم يستثنى من ذلك سوى الحضارة المصرية القديمة التي خولت للمرأة مركزًا شرعيًا تعترف به الدولة، وتكاد تكون قد قدمت مساواة تامة بين الرجل والمرأة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
ففي اليونان القديمة على سبيل المثال، وطبقًا لما ذكره سكستون (Sexton,1976) كانت المرأة خارج دائرة المجتمع حتى أن الأمهات اعتبرن غير مناسبات للتدريس لأطفالهن، ولا عجب في ذلك إذ يذكر زكريا إبراهيم (1984، ص 3) أن فيثاغورث –وهو واحد من أكبر مفكري ذلك المجتمع- كان يرى أن هناك مبدأ خيرًا خلق النظام والنور والرجل، ومبدأ شريرًا خلق الاضطراب والظلام والمرأة، كما كان أرسطو يميز وظيفة المرأة عن وظيفة الرجل، وتطلب ذلك أن يكون التعليم المنفصل هو السائد، ما جعل الفتيات يتعلمن في المنازل على أيدي أمهاتهن.
لكن بالرغم من ذلك فقد كانت هناك أحلام؛ فكما يذكر أبيل وفريمان (Appel & Frreman,1962) فإن خطة يوطوبيا أفلاطون للتربية "المدينة الفاضلة" – بالرغم من أنها أبدًا لم تزود بأدوات لتحقيقها- قد حملت الافتراض بأنه "إذا كان الفرق بين الجنسين يتضمن فقط حمل وولادة الأطفال، فإن هذا لا يبلغ لحد إثبات أن المرأة تختلف عن الرجل في نوع التربية التي يجب أن تتلقاها"، وتشير لوتانه خوي (ترجمة 1999، 122) إلى تمييز أفلاطون بين ثلاث مهام هي: الإنتاج- الدفاع- الحكومة، ومن ثم تكون وظيفة التربية هي إعداد الأفراد كل حسب المهام المنوط به القيام بها مع عدم التمييز بين الجنسين في هذا المجال، وفي كتاب الجمهورية لأفلاطون (في كولزنيك (Kolesnik,1969, p.46 نجده يضع تصورًا بأن المجتمع المثالي يُحكم من قبل الأفراد من الرجال والنساء الأكثر تأهيلًا، وهنا يقترح أفلاطون أن الفتيات والفتيان يتعلمون معًا من عمر 6 إلى 18 عامًا، لكن أفلاطون بعد ذلك أعاد النظر في هذه الفكرة ونصح بالمساواة في التربية ولكن مع الفصل، معبرًا عن الازدواجية والتأرجح، والتي أصبحت نقطة خلاف في السياسة التعليمية إلى يومنا هذا، ونجده –أفلاطون- يوصي في قوانينه بفصل البنات عن البنين عند سن ست سنوات، وأن يقوم الرجال بالتدريس للبنين وتقوم النساء بالتدريس للبنات.
كذلك يذكر عبد الله عبد الدايم (1981، ص 28) أن المرأة الهندية كانت مرتبطة بالرجل ارتباطًا مطلقًا وكانت محرومة من أي ثقافة، في حين أن الفتيان كانت لهم مدارس ابتدائية في جميع العصور، وكذلك كان الحال في الصين القديمة. ووفقًا لما ذكره أحمد جمال ظاهر (1983، ص22) فقد اعتبرت الشريعة الصينية المرأة مخلوقة خصصت لخدمة الرجل.
وتوضح لوتانه خوي (ترجمة 1999، 76) أسباب استبعاد المرأة الهندية من التعليم، فتذكر أن ذلك كان لأسباب دينية لأن واجبها الأول هو أن تنجب أطفالًا لزوجها.
وإن كنا نجد في الأدبيات التاريخية بعض الدلائل على وجود مدارس للنساء في المجتمعات القديمة.

تعليم المرأة في العصور الوسطى
كان من أهم ما يميز عصور الظلام وتراجع الحضارة الرومانية الانحطاط الكبير الذي بلغته المرأة آنذاك، ولكن لم تكن تلك الحقبة بالكامل دون أي ضوء بالنسبة للمرأة؛ حيث يذكر ريوردان (Riordan, 1990, pp.16-17) أن تلك الفترة قد شهدت انتشارًا للمسيحية ومعها نظرة المسيح للمرأة، حيث قدمت المسيحية مركزًا أكثر تفضيلًا للمرأة، ناسبة توقيرًا عظيمًا لصورة السيدة مريم، والتي أمدت ببعض التخليص من خطيئة السيدة حواء أم البشر، والتي كانت تؤكد عليها الديانة اليهودية، والتي اعتبرها اليهود خطيئة أزلية على المرأة أن تدفع ثمنها، وأصبح تعليم الأطفال في تلك العصور جزءًا حيويًا من الدور المنزلي، وتطور كنتيجة له النظام الرسمي لتربية النساء، وكان الدير هو مكان التربية الأولية لهن، كذلك اعترفت المدارس الإبراشية بالفتيات، ولكن المدارس الكاتدرائية ومدارس الرهبان ومدارس القصور كانت غالبًا قاصرة على البنين، بالرغم من أن الأغلبية العظمى من البنين في العصور الوسطى لم يكن لديهم الفرصة للالتحاق بهذه المدارس.

تعليم المرأة في عصر النهضة وصولًا للعصر الحديث
بقيت المرأة على جهلها إلى عصر النهضة، والذي نادى فيه بعض التربويين والفلاسفة بضرورة تعليم المرأة أمثال رابلس Rabelais و فيفس Vives و مينتنون Maintenon و فنيلون Fenelon.
ولم تتمتع النساء خلال عصر النهضة فقط بفرص أوسع بل أحرزن مكاسب هامة في التعليم العالي، ولكل من البنين والبنات من الطبقات الدنيا كان التعليم الابتدائي المجاني متاحًا، وإن كان نظام التعليم فاصلًا بين الجنسين في القراءة والكتابة والدين، وغالبًا ما التحق البنون من ذوي الظروف الاقتصادية الميسرة بمدارس خاصة للإعداد للجامعة، بينما كانت البنات من المستويات الاجتماعية العليا يتعلمن عادة تعليمًا خصوصيًا في المنازل.
وإبان حركة التنوير الفلسفية في القرن الثامن عشر، وفي عام 1763 في بروسيا Prussia أصدر فريدريك العظيم Frederick  أمرًا رسميًا بالحضور الإلزامي لكل من الجنسين، وكان البنون والبنات يربون بشكل منفصل ليس فقط في المهارات الأساسية ولكن أيضًا في الأدب الألماني والتاريخ والجغرافيا.
وقد أعقبت الأصوات المنادية بتعليم المرأة أصواتًا أخرى تنادي بأن يكون هذا التعليم مختلطًا؛ حين طلبت كوندورست Condorcet عام 1792 أن يكون التعليم مساويًا بين البنين والبنات، وأن يعطى مشتركًا، وأن يستند إلى المعلم نفسه والذي يمكن أن يُختار دون اكتراث من أي من الجنسين، ولم يتحقق هذا المطلب إلا في عام 1867 بواسطة فيكتور دوراي Victor Duray لأن أوروبا الغربية حتى أواخر القرن الثامن عشر كانت تطبق الفصل بين الجنسين، عدا بعض الجماعات البروتستانت بعد الإصلاح الديني الذي قام به لوثر Luther وبعض القادة الذين كانوا يلحون على البنات بالإضافة إلى البنين لقراءة الإنجيل.
ولكن مثلما حفل عصر النهضة بظهور بعض الاتجاهات والأصوات المنادية بضرورة تعليم الفتاة وضرورة اختلاطها بالرجل، فقد ظهرت في الاتجاه المعاكس أصوات تقف في وجه ذلك، فنجد د.كلارك (D'Clarck,1873) يذكر أن "التعليم الموحد لكلا الجنسين يعتبر جريمة نحو الرب والإنسانية". 
ولكن تلك الآراء المعارضة لم تمنع من ظهور الاختلاط في التعليم مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، ووصل قمته بعد الحرب العالمية الثانية في القرن العشرين، وإن كان هذا التطور قد شمل الدول الغربية في الأساس.
ولنأخذ مثالًا ببعض الدول، يذكر قريش عبد الكريم (1988، ص ص 43-44) أن التعليم في فرنسا كان منفصلًا لكلا الجنسين، كما كان يقوم على التدريس للبنين معلمين من الرجال، كذلك كانت تقوم المعلمات بالتدريس للبنات، وكان يُمنع ضم أفراد من الجنس الآخر للمدرسة المنفصلة المخصصة لأحد الجنسين، واستمر الوضع كذلك حتى الثورة الفرنسية، والتي نادت بمساواة الحقوق في التعليم للجنسين، ومن ثم اختلاط المدارس، وإن كان الجنسان مفصولين بواسطة حاجز موضوع بحيث يظهر فيه المدرس من كلا الجانبين في القاعة – ما لا يعد نمط تعليم مختلط حقيقي-، ولكن بعد نهاية الحرب العالمية الثانية أصبح تعليم الإناث متساويًا مع تعليم الذكور، وأصبح نظام الاختلاط هو السائد في الحقل التعليمي الفرنسي، حيث أصبح مطبقًا في حوالي 38000 بلدية.
وفي إنجلترا، يذكر ريوردان  (Riordan, 1990, pp.21:23)أنه في القرن التاسع عشر كانت توجد مدارس منفصلة للمرأة مزودة بوسائل، وكانت صغيرة وخاصة، ولكن غالبًا ما تم التعليم في المنازل تحت إشراف مربية الأطفال، بينما كان يُربى البنون من الطبقات الدنيا والعاملة في أماكن مجاورة مع البنات، ولكن عادة منفصلين بواسطة حاجز، وكذلك بواسطة المنهج الذي يحرمهم من الفنون المنزلية، وبنهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ومع ازدياد المناقشات الأخلاقية والأكاديمية التي دارت حول التعليم المختلط ووجود مناصرين له، أصبحت السياسة التعليمية تشجع الاختلاط، وبحلول عام 1921 كانت توجد 311 مدرسة ثانوية في إنجلترا 25% منها كانت مختلطة، وفي عام 1962 كانت 65% من المدارس الإنجليزية الابتدائية مختلطة.
بينما يذكر ريوردان  (Riordan,1990, pp.26:35)عن تعليم البنات في الولايات المتحدة الأمريكية أنه قد بدأ عن طريق التحاقهن بمدارس المدن، ولكن في أوقات مختلفة من اليوم عن البنين أو في أيام لا يلتحق بها البنون، وهكذا كان العزل للجنسين في التعليم هو السياسة المتبعة ولم يمارس التعليم المختلط حتى القرن التاسع عشر، حتى بزغت مدارس كانت تعرف باسم المدرسة العامة The Common school  كانت مختلطة لأسباب اقتصادية غالبًا، وإن كان عزل الجنسين هو الحقيقة غير الرسمية في تلك المدارس، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر كانت توجد أكثر من 6000 مدرسة ثانوية أغلبها مختلطًا، وبحلول القرن العشرين أصبح التوسع في التعليم غالبًا مختلطًا، وأصبح ارتفاع شأن التعليم منفصل الجنس لكل من الذكور والإناث في طريقه للنهاية، وإن كانت المدارس الخاصة أكثر بطءًا في التحرك نحو التعليم المختلط.
ويذكر لي وبريك (Lee & Bryk, 1986, p.381) أن هذا التحول الكبير في دول الغرب نحو التعليم المختلط قد حدث كاستجابة لنداء العلماء الذين نادوا بالاختلاط في التعليم، مؤكدين أهميته التربوية، حتى وصلت تلك النداءات إلى ذروتها في الستينيات من القرن العشرين، ما أرغم أغلب ما تبقى من المدارس المنفصلة الجنس القليلة في الغرب على التحول إلى النمط المختلط، ولكن هذا لم يعن أن المناقشة العامة حول القضية قد أُغلقت، فما زال هذا الملف ساخنا حتى يومنا هذا؛ ذلك أن حقبة الستينيات من القرن العشرين مثلما شهدت أقصى ارتفاع لشأن التعليم المختلط، فإنها قد كانت أيضًا بداية الدراسات العلمية لتأثيرات نمطي التعليم المختلط والمنفصل على التلاميذ من الجنسين، والتي أكدت بعضها –وأهمها دراسة كولمان (Coleman,1961)- وجود أضرار عديدة أكاديمية واجتماعية تنجم عن تطبيق نمط الاختلاط في التعليم على التلاميذ من كلا الجنسين.
ويلخص جرينوف (Greenough,1970) بعض النتائج من الدراسة العالمية لليونسكو عن التعليم المختلط، فيذكر أنه من بين 105 دولة، قررت 27 دولة أن لديها نظام تعليم مختلط كامل، وذكرت أغلبية الدول أن لديها غالبًا مؤسسات مختلطة لمستويات مختلفة، كما ذكرت أغلب الدول أنها تضع في الاعتبار تقديم وتطوير التعليم المختلط، بينما كان التعليم المنفصل يوجد بشكل كامل في دولتين فقط، كما ذكرت دولتان أخريتان أنهما تعتزمان عدم الاستمرار في سياسة التعليم المختلط وإعادة تقديم فصول منفصلة، وكانت هناك ملاحظة دالة بأن ممارسة التعليم المختلط على مستوى عالمي تعد أقل سيادة من التعليم المنفصل الجنس عندما توضع في الاعتبار مراحل تعليمية مختلفة؛ إذ إنه بمراجعة الدراسة عن تسع عشرة دولة والتي قدمتها الجمعية العالمية لتقويم التحصيل التربوي International Association for the Evaluation of Educational Achievement  (IEA)، وذلك في الستينات من القرن العشرين نجدها تمدنا بتحليل واضح؛ يذكر كومبر وكييفس (Comber & Keeves,1973) أن النتائج قد أظهرت أن الكثير من الدول تعرض تناقضًا ذاتيًا يُوضع في الاعتبار فيما يختص بنمط التعليم السائد بها! على سبيل المثال في أستراليا وإنجلترا ليس أكثر من 5% من المدارس الابتدائية منفصلة الجنس لكن 32 إلى 47% من المدارس الثانوية منفصلة الجنس، وفي الدول الغربية كانت بلجيكا هي الدولة الوحيدة التي بشكل متناغم بها تعليم منفصل الجنس في كل المراحل، كما كانت شيلي والهند وإيران وإيطاليا أيضًا تدعم التعليم منفصل الجنس بشكل جدير بالاعتبار، بينما كانت اليابان والسويد والولايات المتحدة هي الأكثر تناغمًا في التعليم المختلط، وبالرغم من التحرك الكلي تجاه التعليم المختلط فقد أظهرت البيانات أنه حتى في الدول الغربية ما زالت هناك نسبة كبيرة من المدارس منفصلة الجنس. في الحقيقة كانت حوالي 34% من أنظمة التعليم الثانوي التسعة عشر منفصلة الجنس.
وفي الهند، وطبقًا لما ذكره أجاروال (Agarwal,1987) كان من الجهود الحكومية في فترة ما بعد الاعتمادية (التبعية) وجود أو نصائح بوجود لجان محددة مركزيًا لوضع وتربية المرأة، وكان منها اللجنة القومية للتعليم المختلط والتي أُنشئت عام 1974.
أما في سريلانكا، وكما يذكر جاياويرا (Jayaweera,1996) فإنه بحلول عام 1918 كانت الأغلبية الضخمة من المدارس مختلطة.
والحال في أغلب الدول الشرقية عند تطبيق نظام الاختلاط في التعليم أنه لا يكون إيمانًا بمبدأ الاختلاط ذاته بقدر ما هو لضرورات اقتصادية.

تعليم المرأة العربية
كان وضع المرأة العربية في العصور القديمة والوسطى قبل ظهور الإسلام لا يختلف عن حالها في كل الحضارات القديمة، وإن كان هذا الحال يشبه حال الرجال فيما يختص بالتعليم، فكما يذكر الأهواني (1975، ص 106-107) أن عددًا قليلًا يُعد على أصابع اليد الواحدة من النساء كن يعرفن القراءة والكتابة، والأمر في ذلك يشبه عدد الرجال الذين كانوا يقرأون ويكتبون عندما أقبل الإسلام، وعلى ذلك فإن تعليم المرأة في الإسلام لم يكن بدعة ولكن الإسلام ألزم تعليمهن لا على سبيل الزينة بل على الوجوب الديني، وكانت البنات تتعلمن فعلًا، إما في قصور الأغنياء -وهم القادرون على استحضار المؤدبين-، وإما في الكتاتيب لعامة الشعب، ثم حدث انصراف في العصور المتأخرة عن تعليم البنات، وكان هذا الانصراف يرجع إلى الخشية من فساد البنت إذا تعلمت إلى جانب الولد، ما أدى في نهاية الأمر إلى الامتناع عن تعليم البنات في الكتاتيب، واستمر الحال على ذلك لقرون، وتفسر لوتانه خوي (ترجمة 1999، 142) ذلك الانصراف عن تعليم المرأة العربية إلى أنه يرجع إلى الانحدار التدريجي في وضع المرأة مع التدهور المادي والثقافي والتشدد في المواقف الاجتماعية، واستمر الحال بهذا السوء في كل البلدان العربية – ومنها مصر- لقرون عديدة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر، وبعد أربعة قرون من الحكم العثماني بدأ وجه الحياة يتغير في مصر بمقدم الحملة الفرنسية ثم خروجها من مصر، ولم تكن التغيرات الحادثة سياسية فقط، بل بدأت مسيرة التنوير على أرض مصر في العصر الحديث، وأخذت المرأة المصرية طريقها إلى التحرر والاختلاط نتيجة للتطور الحضاري والتأثر بالثقافة الغربية، ونتيجة لظهور الصناعة في مجتمعنا، بالإضافة إلى الدعوة الفكرية من قبل العديد من المفكرين وخاصة الدعاة إلى تعليم المرأة، يذكر سعيد إسماعيل علي (1985، ص 390 – 395-396) أن رفاعة الطهطاوي كان أول من طالب بتعليم الفتيات وتشجيع النساء وتدريبهن على العمل في الحرف الشريفة حتى لا يعانين من البطالة، وهي أخطر عليهن من الخروج إلى الحياة العامة، ونشر ذلك في كتابه "المرشد الأمين في تربية البنات والبنين" والذي صدر عام 1873، وهو العام نفسه الذي افتتحت فيه أول مدرسة للبنات، كما لم يكن الطهطاوي وحده هو من نادى بتعليم المرأة، فهناك علي مبارك والذي يعد رائدًا من رواد التعليم المصري في القرن التاسع عشر، ومما يقوله علي مبارك في تبريره لدعوته بتعليم المرأة أن "المرأة المتعلمة السافرة أصون لنفسها وأحفظ لكرامة زوجها وأهلها من الجاهلة المحجبة"، وكان يدعو المرأة لأن تبعد في الثقافة والمعرفة حتى تستوي بالرجل.
وكنتيجة حتمية للتطور الذي بدأ يأخذ طريقه إلى المجتمع المصري، ولدعوة هؤلاء الرواد إلى تعليم المرأة، صدر قرار عام 1889 بتحويل الإشراف على الكتاتيب -التي كانت الأماكن الذي يتلقى البنون والبنات من عامة الشعب علومهم الأولية فيها- من ديوان الأوقاف إلى ديوان المدارس، ومن ثم فقد تم السماح للأطفال الذكور والإناث بتلقي علومهم في مكان واحد، وزادت أعداد البنات التي تلتحق بتلك المدارس الأولية، وإن كانت أغلبهن من الطبقات الدنيا والمتوسطة للمجتمع، أما بنات الطبقات العليا من المجتمع المصري فتعلمن على أيدي مدرسين خصوصيين في منازلهن أو في المدارس الأجنبية التي بدأت تعرف طريقها هي الأخرى إلى المجتمع المصري، وكان هذا القرار هو بداية التعليم المختلط في مصر.    
وإذا ذكرنا الرواد الذين دافعوا عن حق المرأة في التعليم فليس بالإمكان إغفال دور قاسم أمين في كتابيه "تحرير المرأة" عام 1899 و "المرأة الجديدة" عام 1901، والذي دافع فيهما عن حق المرأة في التعليم، كما دافع أيضًا عن الاختلاط بين النساء والرجال، وعلى حد قوله فإن المرأة التي تخالط الرجال تكون أبعد عن الأفكار السيئة من المرأة المحجوبة، وكان هناك أيضًا دعاة تنوير من النساء، ولكنهن وعلى عكس دعاة التنوير من الرجال رفضن الاختلاط بين الجنسين.
ثم جاءت خطوة هامة على طريق النهضة التعليمية لكل من الرجال والنساء في مصر، وهي إنشاء الجامعة المصرية الأهلية في ديسمبر 1908، والتي خُصصت بها قاعة للسيدات ليمارسن نشاطهن بها كل يوم جمعة، ولكن للأسف لم تستمر تجربة المرأة في الجامعة طويلًا، والسبب أن الطلاب اعترضوا عليها وتظاهروا لمنع النساء من دخول مبنى الجامعة، ما أدى إلى إغلاق أبواب الجامعة في وجه نساء مصر عام 1912 واستمرت كذلك حتى العشرينيات، وإن لم تتوقف المحاضرات العامة للنساء في الجمعيات الأهلية وبعض الصحف.
وعلى طريق التطور كانت هناك خطوات، يذكر محمد خيري والسيد العزاوي (1958، ص ص 48: 73) أن هناك خطوة أخرى على طريق نشر التعليم الأولي قد ساهمت في نشر التعليم المختلط بالمراحل الأولية للتعليم في مصر، وهي صدور قرار عام 1918 يقضي بإنشاء مدرسة في كل قرية تستوعب نسبة 80%  من البنين و 50% من البنات بالقرية على الأقل، ومن ثم فقد ساعدت قلة الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت على العمل على انتشار المدارس المختلطة وتقبلها بين طوائف الشعب.     
ثم جاء طه حسين، والذي نادى بضرورة التعليم لجميع الأبناء بمقولته الشهيرة "التعليم كالماء والهواء"، وبعد قيام ثورة 1952 كان من أولوياتها توفير التعليم لكل أبناء مصر، ورأت الثورة في التعليم المختلط ضرورة حتى تتمكن من توفير التعليم لأكبر عدد من أبناء مصر في ظل ظروف اقتصادية لم تكن تسمح بإمكانية توفير أعداد من المدارس المنفصلة تفي باحتياجات أفراد كلا الجنسين، كما كان توسع الثورة في التعليم المختلط متمشيًا مع الآراء الغربية السائدة في ذلك الوقت، والتي كانت تؤكد على فوائد نمط الاختلاط الأكاديمية والاجتماعية والنفسية للتلاميذ، وكما يذكر أحمد عاصم (1991، ص ص 71 – 73) فقد بدأ هذا التوسع بصدور القانون رقم 210 لسنة 1953، والخاص بتحويل المدارس الحكومية بالمرحلة الابتدائية إلى النمط المختلط، وتلاه القانون رقم 213 لسنة 1956، والذي نص على أن يكون لكل من البنين والبنات مدارس منفصلة أو مختلطة وفقًا للظروف، وظهر الاختلاط بالمرحلة الإعدادية والثانوية عام 1956 في المناطق النائية والأماكن التي لا يوجد بها مدارس لكل جنس على حدة بشرط موافقة أولياء الأمور.
أما في باقي الدول العربية، فقد بدأت المدارس في بعضها منفصلة لكلا الجنسين واستمرت كذلك إلى يومنا هذا ، بينما حذت بعض الدول حذو مصر، حيث سمحت بالتعليم المختلط في بعض المراحل التعليمية -خاصة المرحلة الابتدائية- أو في بعض المناطق، مع الإبقاء على المدارس المنفصلة، أما في المرحلة الجامعية فيعد النمط المختلط هو الأكثر شيوعًا في أغلب الجامعات العربية.

الاختلاط في مراحل التعليم المختلفة
يعود الحديث عن وقت زمني دون آخر إلى اختلاف خصائص ومطالب مراحل النمو المختلفة، ومن هنا لم يتفق التربويون على سن محددة يكون فيها تطبيق الاختلاط في التعليم أفضل من غيره.
على سبيل المثال يرى كومباري Comparye  أنه لا وجود لضرر في حالة تطبيق الاختلاط في التعليم للأطفال حتى سن الحادية عشرة أو الثانية عشرة، لكن النتائج قد تكون سيئة في حالة تطبيقه من الثانية عشرة إلى الثامنة عشرة، بينما يرى جوزيف ليف Joseiph Leif  أنه بالنسبة للمستوى الثاني – الإعدادي والثانوي – وبالنسبة للمؤشرات المدروسة يتضح أن العمر المفضل بالنسبة للاختلاط هو من الثالثة عشرة إلى الخامسة عشرة سنة، بينما هناك رأي ثالث يجمع بين الرأيين السابقين مؤداه أنه من الواجب أن يبدأ الاختلاط في السنة السادسة على أبعد تقدير ويستمر إلى نهاية الدراسات الثانوية.
وهناك رأي رابع هو ألا يحدث اختلاط في التعليم على الإطلاق وأن يكون التعليم منفصل الجنس مستمرًا منذ المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية، وقد أخذ بهذا مؤيدو التعليم منفصل الجنس وهم كثر، ونذكر منهم هنا لي وبريك (Lee and Bryk,1986) وكولمان (Coleman,1961). 
وأخيرًا أصحاب الرأي الخامس الذين ينادون بوجوب أن يكون الاختلاط في التعليم مستمرًا منذ بداية الالتحاق بالمرحلة الابتدائية وانتهاءً بالجامعة، وذلك حتى يتعلم البنون والبنات أن يتعايشوا سويًا، ونذكر منهم ديل (Dale,1969-1971-1974).
وإذا تطرقنا للآراء الخمسة بالتحليل سنجد أن الرأي الأول هو ما يجري تطبيقه في نظامنا التعليمي حيث يحظر الاختلاط بين البنين والبنات في المرحلتين الدراسيتين الإعدادية والثانوية والتي تقابلهما مرحلة المراهقة بما يقابلها من نضج جسمي ونفسي واجتماعي للتلاميذ، ولعل السبب في تطبيق هذا الرأي "الاختلاط ثم الفصل ثم إعادة الاختلاط " هو تجنيب المراهقين من الجنسين المشاكل التي قد تنجم عن وجودهم سويًا في تلك الفترة الحرجة من حياتهم، والتي يطلق عليها البعض "أزمة المراهقة"، أما الرأي الثاني فمؤداه أن الخطر من الاختلاط لا يكون فقط سوى في المرحلة الثانوية والتي تقابلها مرحلة المراهقة الوسطى، أما الرأي الثالث فنرى أصحابه لا يهتمون بتأثير الاختلاط على الأطفال ويركزون الاهتمام على أن يبدأ قبل دخول الطفل إلى مرحلة المراهقة ليجد نفسه فجأة محاطًا بمجتمع مختلط لم يألفه منذ صغره، وبتغيرات جسمية ونفسية يدركها ويلحظها في نفسه، ما يكون له أبعد الأثر على صحته النفسية وتنشئته الاجتماعية، أما أصحاب الرأيين الرابع والخامس فرغم حدة أصحابهما بل وتعسفهم إلا أن هذين الرأيين يركزان على عنصر غاية في الأهمية لنجاح أي نظام تعليمي ألا وهو الاستمرارية، فإما أن تدلنا التجربة على أن التعليم المختلط هو الأفضل فنتمسك به ونحاول تفادي المشاكل الناجمة عن تطبيقه، وإما أن فصل الجنسين في التعليم هو الأفضل فليكن ذلك في كل المراحل التعليمية ابتداءً من الابتدائية وحتى الجامعية، خاصة بعد أن كاد البعد الاقتصادي لتطبيق التعليم المختلط أن يتلاشى مع زيادة أعداد التلاميذ وكثرة عدد المدارس والمدرسين.
كما لا ينبغي أن نغفل أن لدينا خيارًا آخرًا فريدًا وهامًا، وهو المدارس المشتركة ذات الفصول المنفصلة للجنسين.

المدارس المشتركة ذات الفصول منفصلة الجنس The co-institutional schools
يذكر قريش عبد الكريم (1988، ص 44) أنه مع وصول الجمهوريين إلى الحكم في فرنسا نادوا بمساواة الحقوق في التعليم للجنسين، وكان اختلاط المدارس له شكل خاص أوضحه البند 36 الذي جاء فيه ما يلي: "لا يمكن أن يجتمع البنون والبنات للتمارين نفسها في المدارس التي تستقبل التلاميذ من الجنسين، كما يجب أن يكون الجنسان مفصولين بواسطة حاجز بارتفاع متر ونصف متر على الأقل موضوع بشكل يظهر فيه المدرس من كلا الجانبين في القاعة، ويكون دخول التلاميذ من كلا الجنسين وخروجهم في وقتين مختلفين بربع ساعة على الأقل".
كذلك سبق وسقنا ما ذكره ريوردان (Riordan,1990,pp.21-28) من أن المدارس العامة The Common schools ، والتي بزغت في الولايات المتحدة الأمريكية في بدايات القرن التاسع عشر، لم توفر لتلاميذها البنين والبنات تعليمًا مختلطًا حقيقيًا، وذلك بسبب المبنى المدرسي ذي الحجرة الواحدة المقسمة، كما يشير إلى أنه في أواخر القرن التاسع عشر بدأ تضمين مقررات الاقتصاد المنزلي في المدارس بإنجلترا وأماكن أخرى، ما أدى إلى التأكيد على نمط التعليم المنفصل، أو على عزل الفتيات في فصول منفصلة.
وعلى حد وصفه - (ريوردان(Riordan,1990, pp.37-38 - فقد حدث ارتفاع لشأن التعليم المختلط بنهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ثم وفي الخمسينات من القرن العشرين انبثقت أرضية وسط على يد المربين الكاثوليك الذين حاولوا الاستفادة من المميزات التربوية للتعليم منفصل الجنس والتعليم المختلط، في ذلك الوقت وجد المربون الكاثوليك في المدارس المشتركة ذات الفصول منفصلة الجنس الوسيلة للإمداد بالفوائد لكلا النمطين من التعليم.
هذه المدارس بها فصول منفصلة للبنين والبنات في أجنحة منفصلة أو أحيانًا في أدوار منفصلة في المبنى نفسه، والتلاميذ عادة – ولكن ليس دائمًا – أو عند الضرورة يُعلمون قصدًا بواسطة معلمين من جنسهم نفسه، ولديهم معالجيهم ومرشديهم، وفي متناول كل من منطقة البنين والبنات من المبنى كل التسهيلات مثل المكتبة والكافيتريا والجيمانيزيم وقاعة الاستماع ومحل خردوات لشراء احتياجاتهم المدرسية ومكاتب إدارية والتي تكون لكلا الجنسين.
وفي هذه المدرسة يكون للبنين والبنات فرصة متسعة ليمتزجوا اجتماعيًا قبل وأثناء وبعد الفصول، وأداء الواجبات معًا في أنشطة خارج المنهج دون مغادرة المبنى.
وبحلول عام 1965 أصبحت تُوجد 90 مدرسة ثانوية كاثوليكية من هذا النمط في الولايات المتحدة الأمريكية، كما أصبحت هذه المدارس تسمى أيضًا بالمدارس المزدوجة  dual school، كما يذكر ريوردان (Riordan,1990,p.23)  أنه في عام 1962 كانت نسبة كبيرة من المدارس الإنجليزية الابتدائية مزدوجة؛ حيث تعلم البنون والبنات فيها في فصول منفصلة، وانتشرت تلك المدارس في العالم بأسره، كما بدأت تُجرى الدراسات التربوية التي تقارن بين هذه المدارس كبيئة تعليمية والمدارس المنفصلة والمدارس المختلطة من جهة أخرى، على سبيل المثال فقد وجدت إحدى الدراسات للأخت ماري ليليس (Sister Mary Lillis,1996) أنه من بين ثلاث مجموعات من البنات أحرزت البنات في المدارس منفصلة الجنس درجات أعلى في اللغة اللاتينية، بينما أحرزت البنات في المدارس المشتركة منفصلة الفصول درجات أعلى في الهندسة، بينما لم توجد فروق دالة في التاريخ بين المجموعات الثلاث.
كما أن تلك الفصول المنفصلة غالبًا ما تلقى تفضيلًا من الذكور والإناث، ففي دراسة تجريبية لماري اليزابيث جارا د (Mary Elizabeth Jarrad,1997)  تم فيها تدريس مقرر في الاتصال الشفهي، دلت النتائج على أن جميع فصول الذكور وجميع فصول الإناث كان لديهم اتجاهًا مفضلًا وبدلالة نحو المقرر أكثر مما كان للفصلين المختلطين بالدراسة.
ومثل هذه النتائج التي تعزز التقدم الأكاديمي –خاصة للفتيات– في الفصول المنفصلة قد دفعت بهذا النمط إلى الأمام وحافظت على استمراريته.
ومن خلال البيانات المجموعة خلال أواخر الستينات بواسطة الجمعية العالمية لتقويم التحصيل التربوي International Association for the Evaluation of Educational Achievement (IEA) عن 19 دولة –ضمت دولًا متقدمة ودولًا من العالم الثالث– وجد كل من كومبر وكييفس (Comber and Keeves,1973) أن أغلب البلاد تعرض على الأقل بعض الأشكال من التعليم غير المختلط، متضمنًا التعليم في تلك المدارس المشتركة ذات الفصول المنفصلة.
أما عن التأثيرات في المتغيرات النفسية والاجتماعية لهذه المدارس مقارنة بكل من المدارس المنفصلة والمدارس المختلطة، فقد كانت لي دراسة موسعة عن الفروق في المهارات الاجتماعية بين تلاميذ وتلميذات الأنماط الثلاثة المختلفة، وأشارت النتائج إلى أن الإفادة الحقيقية من الاختلاط تأتي من المشاركة في جماعات النشاط المدرسي وليس في الفصل الدراسي.
كما اتضح من نتائج الدراسة أن نمط المدارس المنفصلة هو الأفضل للبنات في تنمية مهاراتهن الاجتماعية، بينما يكون هو الأسوأ بالنسبة للبنين، وأن النمط المختلط هو الأسوأ للبنات بينما هو أفضل للبنين من المدارس المنفصلة، ولأنه ليس من المنطقي أن نوفر ميزة لأحد الجنسين على حساب الجنس الآخر، فإنه يمكن التوصل إلى حل وسط لكلا الجنسين عن طريق المدارس المشتركة ذات الفصول المنفصلة؛ إنها شكل من أشكال التعليم غير المختلط يوفر مزايا وفوائد اجتماعية لكلا الجنسين – خاصة الذكور–، وفي الوقت ذاته يحافظ على المزايا الأكاديمية والاجتماعية التي يوفرها التعليم المنفصل لكلا الجنسين –خاصة الإناث–.
ومن خلال خبراتي ودراساتي في المجال أوصي بالتوسع في إنشاء مدارس مشتركة ذات فصول منفصلة، لتوفير بيئة مدرسية واحدة في المدارس لكل من البنين والبنات، ولما لهذا النمط المدرسي من فوائد؛ على أن يراعى مشاركة جميع تلاميذ وتلميذات المدرسة في الأنشطة المدرسية في جماعات مختلطة لضمان تحقيق تلك المدرسة لأهدافها ودعمها للمهارات الاجتماعية للتلاميذ والتلميذات، كما يجب ألا يكون هذا التوسع بالتسرع في دمج مدارس النمط المنفصل لتصبح مدارس مشتركة منفصلة، أو بتحويل مدرسة مختلطة إلى مدرسة مشتركة منفصلة، حيث تفيدنا نتائج الدراسات السابقة بأن التحول من نمط مدرسي إلى نمط آخر يخلق الكثير من المشاكل بعض الوقت، لذا لابد أن يكون مثل هذا التحول المنشود في نظامنا التعليمي لنمط المدارس المشتركة ذات الفصول المنفصلة تدريجيًا لتجنيب التلاميذ والتلميذات الآثار السلبية لهذا التحول.