الخميس، 18 يوليو 2019

189- استشارات أسرية


استشارات أسرية
د. منى زيتون

25 أكتوبر 2018 و12 فبراير 2019
منشور الخميس 18 يوليو 2019

كثيرون ممن يقرأون مقالاتي يتصورون أنني مناصرة على الدوام لفكرة التمسك بالعلاقات الإنسانية، حتى وإن كانت علاقات سامة، لكن الحقيقة بخلاف ذلك، فالعلاقات الإنسانية شأنها شأن أي شيء في هذه الحياة، ومنها ما يكون فاسدًا، ويكون القرار الصائب هو التخلص منها نهائيًا. ودومًا أقول إن القرار الصائب أخلاقيًا وإنسانيًا يبقى صائبًا، مهما كانت عواقبه أو خسائره. وهذه أمثلة على علاقات كان من رأيي أن عدم الإبقاء عليها هو القرار الصائب.

استشارة (1)
صديقة انفصلت عن زوجها زائغ العينين –حقًا وليس شكًا- منذ شهور، بعد أن تكرر خطؤه في حقها مرارًا، وعلمت قريبًا أن أخت طليقها تحاول التقريب بينه وبين إحدى صديقاتها ليتزوجها، وأنه تجاوب مع تلك المحاولات، التي يفهم الغرض منها جيدًا.
ولكن، نظرًا لعدم وجود وجه للمقارنة بين صديقتي وتلك الأخرى، فقد بدأ التملص من الأخرى، التي لا تترك طريقًا للتقرب إليه إلا وتسلكها.
هو الآن يحاول إصلاح الأمور وإعادة المياه إلى مجاريها مع صديقتي.
تسألني هي، ماذا عليها أن تفعل؟
أجبتها بأن التصرف الملائم وفقًا لمجتمعنا أن تدّعي أنكِ تصدقين أن حاله قد انصلح، وتتغاضي أيضًا عما حدث من تلاعب فترة انفصالكما، وكأنكِ لم تعلمي، وتعودي إليه، أما أنا فلو كنت مكانك فلن أفعلها.
بعض الناس هوائيو الطبع، بمجرد أن يصبح شريك حياتهم في منالهم، وبعد أن تخطوا الكثير من العقبات والصعوبات ليكونوا معه، يكثر المحيطون بهم، وتظهر أمامهم فرص أخرى، فينسون أن لهم شريكًا! وطليقك لم يتعلم التركيز على الشريك المثالي، وعدم التشتت عنه، لمجرد أن حوله أُخريات!
وبعض النساء –مثلك- تعطي الكثير مع الرجل المتلاعب كثير العلاقات، لتصبح كأنها مصدر عطائه وارتوائه العاطفي الذي يهبه للأخريات! والانتظار والصبر كثيرًا لا يفيد مع هؤلاء الرجال، فهو يظن أن بإمكانه أن يفعل ما يريد بينما أنتِ تنتظرينه!
مثل هذا الرجل اللعوب لا يقدم استقرارًا حقيقيًا للمرأة مهما طال صبرها عليه، ويبقى يتصرف كالمراهقين، وإذا لم يكف عن التردد بينك وبين أُخريات، ولم يتعلم أن يسلك كالرجال الحقيقيين، عليكِ أن تكتسبي قوة التخلي. إنه الوقت اللازم لفسخ العلاقات التي لا تتفق مع توقعاتك عن السعادة. ارفضي التعامل مع الكذب والخداع. البعض يتلون حتى يفقد القدرة على إظهار حقيقته، فلا تتركي أحدًا يعمي بصيرتك، وتصرفي بشجاعة وثقة.
وتذكري أن الإنسان الطبيعي لا يسعى لتمرير حياته بمشاكل وضغوط،  ولا مناكدة من حوله وخسارة أحبته، لكن الحياة كثيرًا ما تفرض علينا اتخاذ مواقف لا بديل عنها.

استشارة (2)
-خطيبي السابق لم يخبرني أنه يحبني، ولو حتى مرة واحدة خلال تسعة أشهر!
-كان يفضل التواصل غير المباشر معي من خلال وسطاء لإخباري بأي شيء هام، وكلما رفضت انحشار أحد في علاقتنا، وقطعت علاقتي بالمُنحشر، فوجئت به يحاول توسيط شخص آخر!
-نساء عائلته عقارب وحيات، يدسسن أنوفهن في علاقتنا من تلقاء أنفسهن وليس فقط بطلب منه! ويعمدن إلى تخريبها.
-كثيرًا ما أشعر أنه كمالي أكثر من اللازم، وليس مقتنعًا بي تمامًا أو بالأحرى يريد تغييري! كما أتشكك أحيانًا أنه يقارنني بغيري!
-لا يتعامل معي على أني شريكة حياته؛ فيتخذ القرارات المتعلقة بنا وحده، ولا يطلعني عليها في حينها، بل يبقى صامتًا لا يصدر عنه أي استجابة، معتقدًا أن إخباري بما حدث ويحدث بعد انتهاء الأمر كافيًا.
-أخطأ في حقي خطأ واضحًا، ولم يعتذر.
-لم أشعر بالسعادة معه مطلقًا.
ومع ذلك فأنا أحبه، وأعلم أنه يحبني، وهو يريد إعادة المياه إلى مجاريها متجاهلًا ضرورة أن يعتذر عن خطئه السابق. فهل أوافق؟ وهل هناك أمل أن يتحسن ويتغير؟
رددت قائلة: يقول دوستويفسكي: "لم يعد العمر يتسع لمزيد من الأشخاص الخطأ". أعتقد أن دوستويفسكي يقصد الأشخاص الجُدد في حياتنا، أي الذين لا زالوا على حافة حياتنا؛ بمعنى أنه لم يعد يسمح لمن يظهر من تعامله الأولي معه أنه قد يستنزفه نفسيًا وذهنيًا بالاقتراب من حياته، وأن يصير جزءًا أساسيًا منها. ويكفينا ما قد نعانيه مع الأشخاص المهمين الذين يصعب علينا إخراجهم من حياتنا.
لو أحسنا الظن وتصورنا أن بعضًا مما ذكرتي عن خطيبك، كان بسبب الخجل، وهو ما يُنتظر زوال أثره بعد الزواج، فسماحه للحيات والعقارب من أقربائه بالانحشار في حياتك، وعدم إيقافهن عند حدهن، وتكبره عن الاعتذار لكِ عن خطئه الواضح في حقك، وغيره مما ذكرتي، يجعل إخراجه الفوري من حياتك هو التصرف المناسب. أعتقد أن من تعود لرجل كهذا حمقاء.