الجمعة، 29 سبتمبر 2017

118-قواعد الإملاء وخلافات الرسم القرآني

قواعد الإملاء وخلافات الرسم القرآني

د/ منى زيتون

الأربعاء 27 ديسمبر 2017

https://www.alaraby.co.uk/blogs/2017/12/27/%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%D9%8A

 

مزيد ومنقح ضمن مقالات كتابي "تأملات في كتاب الله" 


تعلم القراءة والكتابة علم رباني

في استفتاح سورة ن يقسم ربنا تعالى بالقلم ﴿ن ۚ وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾.

وإن كان الله قد أقسم في كتابه العزيز بالكثير من مخلوقاته فإن أكثر ما أقسم به تعالى كانت الحروف العربية التي أنزل بها القرآن؛ فأقسم بأربعة عشر حرفًا من حروف العربية في افتتاح تسع وعشرين سورة مختلفة، ومعلوم أن حروف اللغة العربية ثمانية وعشرين حرفًا وفقًا لترتيب منازل القمر، والهمزة هي الحرف التاسع والعشرون وفق نظام آخر يجعلها حرفًا منفصلًا عن الألف!

أقسم تعالى بحرف واحد (ص) و (ق) و (ن)، وأقسم بحرفين (طه) و (طس) و (يس) و (حم)، وأقسم بثلاثة أحرف (ألم) و (ألر) و (طسم)، وبأربعة أحرف في (ألمص) و (ألمر)، وبخمسة حروف في (كهيعص) و (حم عسق).

وكانت أول الآيات التي نزلت من القرآن الكريم قوله تعالى:﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 1 - 5]. ونلحظ أنه تعالى بعد أن أمر بالقراءة، ينسب إلى نفسه أنه هو من علَّم الإنسان بالقلم، ويقول في آية الإملاء من سورة البقرة: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللّهُ﴾ [البقرة: 282].

فإن كنت قد أتقنت القراءة والكتابة فقد أجدت وأحسنت التلقي عن ربك. ومما يؤثر من حوار بين سليمان عليه السلام وعفريت من الجن أن العفريت قال له: إن الكلام ريح يذهب، وقيده الكتابة.

أمر آخر أضيفه وهو أن المكتوب هو المرقوم. يقول تعالى: ﴿كِتَابٌ مَرْقُومٌ﴾ [المطففين: 9]، أي مكتوب، وكانت الأعداد بالعربية تكتب بالحروف، وليس لها رموز حتى ابتدع لها الخوارزمي رموزًا تُكتب بها (1, 2, 3,…)، فقيل: رُقمت الأعداد، فسُميت أرقامًا.

وردًا على سؤال حول اختلاف الرسم القرآني أحيانًا عن بعض قواعد إملاء اللغة العربية التي نتعلمها أقول: إن كان القرآن الكريم قد جُمع وكُتب بأيدي الصحابة وفقًا لما علمهم الله، وبما تعلموه في صغرهم شفاهة من قواعد الكتابة، ثم استنبطت قواعد النحو وألفت فيها المصنفات بعد جمع القرآن الكريم بدءًا من عهد الإمام علي، فقد استنبطت قواعد الإملاء متأخرة عن ذلك بكثير بعد أن لحن لسان العرب، وكان القرآن الكريم مرجعًا رئيسيًا يستنبطونها منه، ومن ثم فإن أي تعارض يكون بسبب سوء استخراج القاعدة الإملائية.

وهناك مدرستان رئيسيتان في الإملاء العربي؛ الأولى اعتمد قواعدها مجمع اللغة العربية المصري، والثانية التي اعتمد قواعدها مجمع اللغة العربية السوري.

وكمثال على الخلاف بين المدرستين وإساءة استخراج القاعدة الإملائية، نراجع قواعد كتابة الهمزة المتوسطة المضمومة عندما يكون ما قبلها مفتوحًا، أو مضمومًا، أو (ساكنًا أو ألف).

القاعدة العامة هنا تقول إنها تُكتب على واو، مثل: يَؤُّم، يَقرؤه، ومثل: نُؤُّم (جمع نئوم)، ومثل: أرْؤس، تفاؤل، أصدقاؤه.

وهذه هي القاعدة الأساسية، لكن المجمع اللغوي المصري لاحظ أنه في كتابة القرآن الكريم لا نجد هذه القاعدة مطبقة عندما تكون واو المد بعد الهمزة المضمومة المتوسطة، ومن هنا اشتقوا قواعد فرعية لتتلاءم مع الرسم القرآني:

·      إن كان بعد الهمزة واو المد كُتبت الهمزة مفردة على السطر إذا كان الحرف الذي قبلها لا يُوصل بما بعده، مثل: بَدءوا، رَءوف، ومثل: رُءوس، رُءوا، ومثل: مرْءوس، جاءوا، مذْءوم.

·      وإذا كان الحرف الذي قبلها يوصل بما بعده كُتبت الهمزة على نبرة، مثل: سَئول، يطَئون، ينشَئون، ومثل: شُئون، فُئوس، كُئوس، ومثل: مسْئول، مشْئوم.

·      وهناك مزيد من القواعد الفرعية فعندما يكون ما قبلها واو ساكنة أو مشددة مضمومة تكتب الهمزة مفردة ولو كان بعدها واو، مثل: ضوْءُه، تبوُّءك.

·      إن كان ما قبلها ياء ساكنة تُكتب الهمزة على ياء، مثل: فيْئها.

ولو رجعنا إلى الرسم القرآني لرأينا أنه بإضافة هذه الاستثناءات للقاعدة فإنها تتفق مع الرسم القرآني، لكن الأكثر انتشارًا للأسف في الإملاء هو المدرسة الشامية التي لا تراعيها.

وهناك قواعد إملائية تتفق فيها المدرستان وتخالفان الرسم القرآني، وأهمها متى تُكتب الألف بعد الواو في نهاية الأفعال والأفعال الخمسة، ويلزم المختصون مراجعة القواعد المشتقة لاستخلاص القاعدة الإملائية الصحيحة.