الجمعة، 6 يوليو 2018

153-في ذكرى خلع رئيسهم الفاشل مرسي


في ذكرى خلع رئيسهم الفاشل مرسي
د/منى زيتون
الجمعة 6 يوليو 2018
الأربعاء 3 يوليو 2019



في مثل هذه الأيام من صيف عام 2013 خلع وزير الدفاع -حينئذٍ- الفريق عبد الفتاح السيسي الرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان محمد مرسي.
اختلف الناس في تسمية الحدث وفقًا لانتماءاتهم السياسية، فأنصار جماعة الإخوان أصروا على أنه انقلاب على الشرعية التي اكتسبوها من خلال صناديق الانتخابات، وأعدائهم منهم من يرونها ثورة شعبية أيدها الجيش أطاحت برئيسهم الفاشل، ومنهم من يوافقونهم على أنها انقلاب ولكنهم يرون أنهم يستحقونه!
لن أتكلم في هذا المقال عن ممارسات الإخوان الحقيرة أثناء انتخابات 2012، فلا زال من شهدوها أحياء، يتذكرون عبوات الزيت والسكر، كما يتذكرون تهديد الأقباط في قرى الصعيد ومنعهم من الذهاب إلى لجانهم الانتخابية لعلمهم أنهم سيعطون أصواتهم للمرشح المنافس الفريق أحمد شفيق، ولا شك أن الأحياء منا لم ينسوا الأقلام التي يتطاير حبرها بعد ثلث ساعة، التي وُزعت في اللجان ليستخدمها غير أنصارهم لإبطال أصواتهم، كما لا زلنا نذكر البطاقات التي دُفعت ملايين لأجل شرائها من المطابع الأميرية لاستخدامها في التدوير وشراء الأصوات.
 حتى أنني لن أتكلم هنا عن تحالفات الإخوان مع طنطاوي والأمريكان لأجل تزوير الانتخابات وإعلان نتيجتها على غير حقيقتها لصالح مرسي، لأنه حتى بعد رُشاهم الانتخابية وتهديدات الأقباط وتدوير الأصوات ظل فارق الأصوات لصالح أحمد شفيق.
عن نفسي لم أكن يومًا من أنصار مرسي وجماعته، كما أنني لست من أنصار السيسي ومؤيديه، وكما كنت أتشكك في وطنية مرسي، فلدي نفس الشكوك حول السيسي، فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
لكن ما يعنيني الآن الحديث عنه هو فشل الإخوان الذريع طوال عام كامل قضوه في الحكم، وإن كان لا وجه لمقارنة فشلهم بفشل السيسي، ولكنه في النهاية كان فشلًا.
يدعي أنصار الإخوان أن مرسي وجماعته لم يفشلوا بل أُفشِلوا بسبب التآمر عليهم، فهل لهذا الإدعاء ما يبرره منطقيًا؟ لنراجع أهم الحوادث معًا طوال عام حكمهم لنرى، هل كان فاشلًا أم أُفشِل؟
بعد وصول مرسي لسُدة الحكم بدأ عهده بالتآمر على المشير طنطاوي والفريق عنان، وإزاحتهما عن منصبيهما. فإن كان عنان لا شأن له بالمؤامرة التي حدثت لتسليم السلطة للإخوان وإعلان فوز مرسي –وفقًا للمتاح من المعلومات- فطنطاوي كان أول من تآمر معهم سواء أيام الانتخابات أو قبلها.
وعيّن مرسي السيسي وزيرًا للدفاع. كان السيسي قبل توليه هذا المنصب مدير المخابرات الحربية، وكان باعتراف البلتاجي على علم بقدوم أنصار مبارك على ميدان التحرير في الثاني من فبراير 2011 لأجل الاحتفال وإظهار شعبيته بإزاء المتظاهرين المطالبين برحيله، فيما عُرف بعد باسم معركة الجمل، لأن هناك من حرص بعد خروج راكبي الجمل والخيول من الميدان على قنص المتظاهرين وتحويل الليلة إلى معركة كر وفر، وتساءلنا وقتها عن ذلك الطرف الثالث ومن يكون، وأحسبنا جميعًا نعرفه منذ سنوات.
يبدو أن تحذير السيسي الإخوان من قدوم أنصار مبارك الميدان –وفقًا لشهادة البلتاجي المسجلة- كان له وقعه عندهم، وكان بداية اكتسابه ثقتهم.
المهم أن هذه الإقالة لطنطاوي وعنان تثبت أن الإخوان لا يتحرجون من الغدر فهو من سماتهم، وأن عدم إقالة مرسي للسيسي بعد ذلك لم تكن إلا غباءً سياسيًا.
ولنعد بالزمن إلى الوراء، في أكتوبر 1970 تولى الرئيس السادات مقاليد الحكم بعد موت عبد الناصر المفاجئ؛ ذلك أن السادات كان قد حلف اليمين قبلها بفترة كنائب للرئيس. لم يكن السادات يملك سوى الشرعية، وكانت القوة الحقيقية في يد من أسماهم بمراكز القوى، ولأنه الرئيس، ولأنه ليس فاشلًا غبيًا استطاع الإمساك بزمام الأمور بعد شهور من حكمه، وألقى بهم جميعًا في غياهب السجون.
ثم إن فشل مرسي لم يكن قاصرًا على الاحتفاظ بالكرسي، وبأنه أتى بمن خلعه، وبأنه كان يسمع بأمر حملة تمرد ثم يصدق بسذاجة ما ينقله له السيسي عن تفاهة تلك الحملة وتفاهة الأعداد التي تؤيدها! وتهوين أمر المظاهرات التي كان يُعد لها للمطالبة الشعبية بخلعه.
طوال عام كامل حكمه مرسي لم يصدر عنه أي قرار يشير إلى تغير منهجية الحكم لتتوافق مع الشعار الذي طالما صدّعونا به باعتبارهم حُماة الإسلام. ما الذي يمكن أن يتفق من قرارات مرسي مع أن "الإسلام هو الحل"؟!
والأمر لا يقتصر على القرارات. نذكر جميعًا خطابه الشهير إلى شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل حينها، والذي كانت صياغته ودية بأكثر مما اعتيد في عهد مبارك، حتى أنه خاطب بيريز بصديقي العزيز! وكانت تبريرات الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي لتلك الصياغة العجيبة تتلخص في أن هذا هو البروتوكول، وأنهم أفهموا مرسي أنه ينبغي أن يوقع فما كان منه إلا أن وقّع!
فمن هؤلاء الذين أفهموا رئيس الدولة أن عليه أن يوقع فوقّع؟!!! موظفون إداريون في سكرتارية مكتبه!
أحاول أن أتخيل أمرًا مماثلًا يجري معي، ولست في هذا المنصب أو في منصب قريب منه بأي حال. فلأتخيل أن موظفي السكرتارية جاءوني بخطاب لا تعجبني صياغته، وأنهم يحاولون فوق ذلك إلزامي بالتوقيع عليه! المؤكد أنني سأمزق هذا الخطاب وألقيه في وجوههم، وأنه سيكون آخر يوم عمل لهم تحت إدارتي. ولكن الإخوان يدافعون بسفالة عن رجل لم تكن له من الرئاسة إلا اسمها، كان يمتثل لأوامر موظفين إداريين! ويستنكرون بعدها أن خلعه وزير دفاعه!
الحقيقة المؤكدة أنه بعيدًا عن الأزمات المفتعلة في السلع كالبنزين وغيره في عام حكم مرسي، كانت سياسات الإخوان الخارجية والداخلية بلا ملامح. وأنهم قضوا عامهم الأول والأخير في تعيين شباب جماعتهم في وظائف بالدولة، متصورين أنهم سيمكنون لأنفسهم بذلك، فلم يملكوا برنامجًا لتنمية مصر وبرنامجهم الوحيد كان تمكين جماعتهم، وأنهم فشلوا ولم يُفشَّلوا، وأن ما حصدوه كان جزاءً وفاقًا لما زرعوه في عام حكمهم وما قبله، بل ونحن جميعًا نجني ثمارهم العفنة.