الثلاثاء، 21 فبراير 2023

298-كَلَّا وَالْقَمَرِ ‏

 

كَلَّا وَالْقَمَرِ ‏

د. منى أبو بكر زيتون

الثلاثاء 21 فبراير 2023م

بداية، أذكركم وأذكر نفسي بصيام الأيام البيض لهذا الشهر العربي؛ 13 : 15 شعبان، والتي ستوافق 5: 7 مارس 2023م بإذن الله. ويُفضل قراءة سورة القمر في هذه الليالي، وتشغيلها على جهاز صوتي في المنازل.

وسورة القمر هي سورة مليئة بما حل بالأمم الغابرة من صنوف عذاب الله تعالى، والتي كانت تترافق –كما ذكر الفلكيون العرب القدامى- مع علامات فلكية بين القمر وغيره من الأجرام السماوية، سبق وتعرضت لبعضها في مقالي "تأملات في الطباع الأربعة"، وشرحت معنى يوم النحس المستمر الذي هلكت فيه قوم عاد، ودور القمر في حدوث طوفان قوم نوح. ‏﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50)‏‏﴾‏ [القمر: 49- 50].

ولأنه قد كثر الإرجاف بشأن احتمال نشوء موجات تسونامي في البحر المتوسط من تأثير زلزال تركيا المدمر الأخير أو أي زلزال مدمر آخر يطرأ –والوضع الفلكي يسمح بذلك-، مع ظهور فيديوهات توثق حالات جزر واسعة تمتد لأمتار على كثير من شواطئ البحر المتوسط، مع تكذيب البعض لأي احتمالية لحدوث ذلك، واستمرار التكذيب بأن حركة القمر والكواكب يمكن أن تكون سببًا في الكوارث التي تحل على الأرض، مع أن رسولنا عليه الصلاة والسلام كان يستعيذ بالله عندما يرى البدر، وكنت قد كتبت في الأسبوع الماضي مقالًا بعنوان "هل يمكن التنبؤ  بالكوارث من علم الفلك؟"، فقد رأيت أن أكتب مقالًا إضافيًا أشرح فيه علاقة العلامات الفلكية بحدوث التسونامي لاحتياج الناس إليه، حيث أنني لم أجد نهائيًا أي مقال سواء باللغة العربية أم الإنجليزية يشرح ذلك، وأوضحت حالات التسونامي من خلال شرح بعض الأمثلة الموثقة بقلمي فقط، اعتمادًا على صورة السماء التي استخرجتها لوقت حدوث التسونامي في المكان الذي حدث به، والتي أرجو ألا يدقق القارئ في تفاصيلها، بل يكتفي بفهم المعنى العام للحالة ولوضعية الكواكب بها، ثم ينتقل للجزء الختامي الذي يشرح وضعية الكواكب في الفترة القادمة.

بعض المعلومات الفلكية الهامة المرتبطة بحركة المياه على الأرض

·       عندما يكتمل القمر بدرًا -مرة كل شهر قمري- تكون الأرض بين الشمس والقمر، وهو ما يزيد قوة جذب القمر لمياه البحار، وللصفائح التكتونية لقشرة الأرض.

·       كل برج ناري يقابله برج هوائي، وكل برج مائي يقابله برج ترابي، ومن ثم فمحاور البدر تكون طاقتها إما نارية/هوائية أو مائية/ترابية؛ بمعنى أنه عندما تكون الشمس في برج مائي يكون القمر البدر يقابلها في برج ترابي، والعكس، والأمر ذاته عند تقابل الطاقتين النارية والهوائية.

·       المد هو ظاهرة طبيعية تحدث كل ليلة، وتزيد مع زيادة نور القمر وزيادة عدد ساعات انتشار نوره طوال الليل، وعليه يزيد المد في البحار بشكل طبيعي في الأيام البيض من كل شهر قمري، لأن القمر البدر يشرق عند غروب الشمس، ويستمر نوره منتشرًا طوال الليل وحتى شروق الشمس. ويُفضل الابتعاد عن الشواطئ في ليالي البدر، علمًا بأنها تكون أوفر الليالي حظًا للصيد، ولكنها أشدها خطرًا على من يسبح أو يركب السفن والمراكب.

·       يكون المد في علاقة عكسية مع الجزر، فإذا رأيت الماء منحسرًا بشدة فاعلم أن المد سيكون بعده عاليًا، وعليه فإن التخوف من شدة الجزر على بعض شواطئ البحر المتوسط ليست من باب التهويل.

·       التسونامي هو حالة مد شديدة نادرة، تصحبها أمواج مرتفعة عاتية كسنام الجمل، ويمكن القول بأنه سلسلة من موجات المد شديدة الارتفاع، قد تحدث في النهار أو الليل، وإن كانت غالبًا تحدث قرب انتصاف الليل أو في الصباح الباكر، وليس صحيحًا أنها بحاجة إلى مسطحات مائية واسعة لتحدث، فأكبر تسونامي مسجل حدث في العالم كان في خليج ليتويا في ألاسكا، وهو مسطح مائي ضيق، وإن كان لم يحدث مباشرة بسبب زلزال وإنما من جراء انهيار أرضي أعقب زلزالًا مدمرًا.

·       يترافق حدوث التسونامي مع حالات فلكية خاصة، يمكن تلخيصها إجمالًا في عدة أصناف:

-حدوث تكتل طاقي في برج الحوت، والحوت هو أعلى البروج مائية كما نعلم، ويعني هذا وجود اقترانات بين عدد من الكواكب في الحوت، وتزيد احتماليته عند وجود تربيعات أو تقابلات بين الكواكب في الحوت وبين العقدة الجنوبية (كيتو) لمحوري الشمس والقمر، كما تزيد احتماليته مع وجود تربيعات وتقابلات بين الكواكب عمومًا.

مثال على ذلك: تسونامي اليابان في 11 مارس 2011م.

حدث مع وجود تكتل طاقي في الحوت، حيث كانت الشمس والمريخ وأورانوس مقترنة في الحوت.

وكان نبتون (كوكب المياه) في آخر درجة من الدلو، ويتحرك نحو الحوت، في تربيع مع القمر في آخر الثور.

وكان أورانوس (كوكب المفاجآت) في آخر درجة من الحوت في تربيع مع العقدة الجنوبية في آخر الجوزاء، وفي تربيع مع بلوتو في بداية الجدي.



إضافة لذلك كان أورانوس مقترنًا بالمشتري في أوائل الحمل، وكان المشتري بدوره يُقابل زحل في الميزان، مع تربيع بلوتو لكل منهما.

 

 -قمر بدر أو قمر قارب على الاكتمال، وتصحبه زوايا تربيع أو تقابل مع عدد كبير من الكواكب. مع وجود اقترانات أو تربيع أو تقابل بين الكواكب بوجه عام.

مثال على ذلك: تسونامي إندونيسيا في 26 ديسمبر 2004م.

حدث التسونامي والقمر في آخر الجوزاء وقد بقيت درجات على اكتماله بدرًا، وكان يواجه الشمس في الجدي، والتي كانت تقابل أيضًا زحل في السرطان. وعليه فالشمس كانت تقابل كلًا من القمر وزحل.

كما كان القمر في الجوزاء يقابل بلوتو في القوس، وكان التنافر الطاقي مع القمر شبه المكتمل في أوجه، حيث كانت توجد أربعة كواكب مقترنة في القوس (وهو البرج المواجه للجوزاء).

كان أورانوس في بداية الحوت يشكل تربيعًا مع المريخ الذي كان قد انتقل توًا إلى القوس.

كما كان زحل في آخر السرطان في تربيع مع العقدة الجنوبية في بداية العقرب، وكانت في آخر دقائق فلكية لها في العقرب قبل انتقالها تراجعيًا إلى الميزان.


 

 


 

 -          مثال آخر: تسونامي ألاسكا العظيم في 27 مارس 1964م.

حدث التسونامي والقمر في أول درجة من الميزان، وقد أوشك أن يكتمل بدرًا، حيث كان يقابل الشمس في بداية الحمل، وكان يقابل أيضًا المريخ في آخر الحوت، وكذا كان هناك تكتل طاقي في الحمل وهو البرج المقابل للميزان، فكان عطارد والمشتري أيضًا في الحمل.

وكان القمر يشكل تربيعًا مع العقدة الجنوبية في بداية الجدي، وكذلك كانت الشمس والمريخ يشكل كل منهما تربيعًا من الجهة الأخرى مع العقدة الجنوبية.

وكان زحل قد انتقل للحوت، وفي الدقائق الفلكية الأولى له في البرج، ويقابل أورانوس وبلوتو المقترنان في العذراء.

وكان نبتون في العقرب يقابل الزهرة في الثور.


 


-          قمر في طور التربيع الآخر (بقي له الربع الأخير من الشهر القمري)، وتصحبه زوايا تربيع أو تقابل بينه وبين عدد كبير من الكواكب، مع وجود اقترانات أو تربيع أو تقابل بين ‏الكواكب بوجه عام.‏

ويتزامن هذا الصنف مع حالات الميجا تسونامي غالبًا، وتحدث من جراء انهيار أرضي يعقب زلزالًا مدمرًا أو انهيار أرضي وانفصال في كتل صخرية كبيرة في جبل نتيجة ضغط السدود، ولا يرتبط حدوثه بالمسطحات المائية الواسعة كالمحيطات، فيمكن أن يحدث في خلجان أو أنهار.‏

مثال ذلك: تسونامي (ميجا تسونامي) خليج ليتويا في ألاسكا في 9 يوليو 1958م.

حدث التسونامي والقمر مقترن بالمريخ والعقدة الجنوبية في آخر الحمل، وكان القمر في طور التربيع الآخر، وعليه فقد كان القمر والمريخ والعقدة الجنوبية  في تربيع مع الشمس في السرطان، وتقابل مع المشتري في الميزان.

ولأن نبتون كان في بداية العقرب فقد كان مقترنًا بالمشتري في آخر الميزان، ويواجه القمر والمريخ والعقدة الجنوبية، ويشكل تربيعًا مع أورانوس في الأسد.

كما كان المشتري في تربيع مع الشمس.

وكان بلوتو قد انتقل قبلها إلى العذراء، وهو البرج المقابل للحوت، وطوال تواجد بلوتو في العذراء حدثت عدة حوادث تسونامي (1958، 1963، 1964).

  

-مثال آخر: تسونامي (ميجا تسونامي) سد وادي فايونت (Vajont) بإيطاليا في 9 أكتوبر 1963م.

حدث التسونامي والقمر في السرطان في طور التربيع الآخر، فكان يشكل تربيعًا مع الشمس في الميزان، وتربيعًا مع المشتري في الحمل، وكان يواجه تمامًا العقدة الجنوبية في الجدي، والتي كانت تُربع كلًا من الشمس والمشتري، وكانت الشمس والمشتري متقابلان، فكان مربعًا فلكيًا مكتملًا دقيقًا.

وكان نبتون مقترنًا مع المريخ في العقرب، وكلاهما في تربيع مع زحل في الدلو.

وكان أورانوس مقترنًا مع بلوتو ومعهما عطارد في العذراء، وهو البرج المقابل للحوت.


   

الحالة الفلكية في الفترة القادمة

·       رغم أن القمر لا زال هلالًا في الحوت، ومقاطع الفيديو توثق انحسار المياه عن بعض شواطئ البحر المتوسط إلا أن المد إن حدث قويًا فلا يكون أبدًا والقمر هلال، وقد أوردتُ حالات التسونامي الخمس الموثقة في القرن العشرين في المقال، ومنها اثنتان كانتا والقمر بدرًا، واثنتان والقمر تربيع آخر قبل نهاية الشهر العربي، وحالة تسونامي اليابان الأخيرة في 2011 كانت الوحيدة التي كان قد مر على ميلاد الهلال 5 أيام، وهي الحالة التي كان فيها تكتل طاقي للكواكب في الحوت، علمًا بأنه يوجد مثل هذا التكتل الطاقي في الحوت الآن بدرجة ما بسبب اقتران الشمس مع نبتون (كوكب المياه).

·       فإن كانت هناك أيام تسبق اكتمال القمر بدرًا تكون مرشحة لمد قوي فأعتقد أنها الأيام التي سيكون فيها القمر في الثور، من ضحى يوم الجمعة 24 والسبت 25 فبراير وأغلب يوم الأحد 26 فبراير، حيث سيقترن القمر بأورانوس في الثور ويقابل العقدة الجنوبية في العقرب، مع تربيعهما لبلوتو في آخر درجات الجدي، ولعطارد في الدلو، وسيكون هذا إن حدث من رحمة الله بنا لأن القمر ليس بدرًا، وقدرته على الجذب وتكوين أمواج عاتية لن تكون كبيرة.


  


 ·       الحالة الفلكية في الأيام البيض القادمة (منتصف شعبان 1444هـ) تدعو للحذر؛ حيث سيوجد تكتل طاقي أكبر في برج الحوت، فعطارد سينضم للشمس ونبتون (كوكب المياه)، وسيكونون كلهم في الحوت، وزحل في آخر دقائقه الفلكية في الدلو وسيدخل الحوت مع اكتمال القمر بدرًا في العذراء (البرج المقابل للحوت).

وإضافة لكل هذه الزوايا من التقابل بين بدر العذراء والشمس والكواكب القريبة منها فإنه توجد زوايا تربيع بين الشمس والكواكب في الحوت وبين المريخ في الجوزاء، وكذلك بين البدر والمريخ.

وأعتقد أن الأيام البيض التي ستوافق 6 و 7 مارس 2023م هي الأحق بأن نهتم بها، وندعو الله أن تمر على خير.

وسيستمر التربيع بين كواكب الحوت (خاصة نبتون) وبين مريخ الجوزاء لفترة بعد اكتمال البدر.

ولا زالت العقدة الجنوبية في بداية العقرب، وستستمر فيه لعدة أشهر قادمة، ولا زالت تشكل تربيعًا مع بلوتو في آخر الجدي، والذي سيتحرك ببطء إلى أول الدلو في أواخر مارس القادم، مع بقاء التربيع. كما لا زالت العقدة الجنوبية تقابل أورانوس  في برج الثور.


 


 



  كما أن الحالة الفلكية والقمر في طور التربيع الآخر في شهر شعبان عندما يدخل القمر القوس بها زوايا صعبة، فسيكون فيها القمر في تربيع مع الكواكب بالحوت، ويقابل المريخ في الجوزاء.

وسيتحسن الوضع الفلكي بعدها لفترة وجيزة مع دخول الشمس وعطارد الحمل، فيخف الثقل الطاقي في الحوت، كما سيتحرك المريخ نحو السرطان ويلغى التربيع مع كواكب الحوت، وإن كان سيتولد ثقل طاقي عندها في الحمل.

وستكون صورة السماء في منتصف شهر رمضان المبارك (5 أبريل و6 أبريل و صباح 7 أبريل) شبيهة جزئيًا في بعض السمات الفلكية بالوضع الفلكي في تسونامي ألاسكا العظيم 1964، فزحل في بداية الحوت، والشمس والمشتري في الحمل، والقمر سيكتمل بدرًا في مواجهتهما في الميزان.

والقمر البدر سيكون في تربيع مع المريخ في بداية السرطان، كما أن القمر عند دخوله الميزان وقبل أن يكون في مواجهة الشمس تمامًا سيكون في تقابل مع نبتون في آخر الحوت.

وكويكب سيرس هو الآخر سيكون في أواخر العذراء مواجهًا لنبتون.

وعطارد في بداية الثور في تقابل تام مع العقدة الجنوبية في العقرب، وكلاهما في تربيع مع بلوتو في بداية الدلو، وأورانوس لا زال في الثور.

 


وعند دخول الكواكب إلى الثور ثم إلى الجوزاء ستبقى هناك زوايا صعبة، وعليه فالحذر والدعاء والقرآن لازمون في كل مكان على ظهر الأرض، وليس حوض المتوسط وحده، ولن يكون سوى ما كتبه الله، فقد استهل العام والقمر يواجه العقدة الجنوبية، ومن ثم فهو عام سيشهد تغييرات كبيرة جذرية شئنا أم أبينا.

ونختم بقوله تعالى: ‏﴿‏وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36)‏﴾‏ [المدثر: 31: 36].

ليست هناك تعليقات: