الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020

242-مُخرِج واحد، ونهاية مختلفة!

 

مُخرِج واحد، ونهاية مختلفة!

د/ منى زيتون

الأربعاء 11 نوفمبر 2020

http://www.almothaqaf.com/a/araa2019/951072

منذ شهور وكوكبنا بأسره يتابع حوادث فيلم واقعي عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ربما تنبأنا ببعض ما جاء فيه، ولكن تبقى عظمة دونالد ترامب أنه من مجانين التاريخ الذين يستحيل توقع ما يمكن أن يقولوه أو يفعلوه على وجه الدقة.

حتى صباح الأربعاء الرابع من نوفمبر، وهو صبيحة اليوم التالي لليوم الرسمي للانتخابات كان كل ما يجري في تلك الانتخابات يعتبر محاكاة ونسخ لسيناريو انتخابات الإعادة للرئاسة المصرية 2012، وبدا أن ترامب قد حفظ الدور الذي قام به مرسي منذ أكثر من ثماني سنوات، ويقوم بالتسميع جيدًا! بدءًا من إصرار ترامب أنه ولا بد سيكون الفائز، والتشكيك في نزاهة الانتخابات –من قبل أن تبدأ- إن أتت نتائجها لصالح بايدن، ثم محاولات ترامب الرقيعة التلاعب المكشوف في هيئة البريد الأمريكية، وتشكيكه في التصويت البريدي من قبل موعد إجراء الانتخابات، وقد شرحنا أفاعيله تلك وما يبدو أنه ينتويه في مقال سابق مطول، وأخيرًا خرج علينا ترامب وسط أنصاره في الصباح الباكر يوم الأربعاء 4 نوفمبر، وبعد ساعات قليلة من إغلاق مراكز الاقتراع ليعلن أنه قد فاز في الانتخابات! وحتى تلك اللحظة لم يكن قد زاد أو نقص عن محاكاة الخطوط الرئيسية في الانتخابات المصرية شيئًا.

ثم تحول الوضع وتبدلت الحوادث، وشعرنا بالاختلاف، وأنها أمريكا زعيمة العالم الحر، وليس هناك من يعبدون شخصًا وينفذون أحلامه وأوهامه ويحولونها إلى واقع غبي لأن جنابه قد أراده على هذا النحو! فاستمر فرز الأصوات وإعلان النتائج من قبل الولايات غير عابئين بالتشغيب الذي كان يطلقه ترامب دون توقف في مؤتمراته وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. ثم أُعلنت النتائج الأولية يوم السبت 7 نوفمبر ليتجاوز بايدن حد 270 صوتًا المطلوبين في المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة، ويتأكد أنه هو الفائز بالسباق الانتخابي.

وظننت عندها أن الجزء الثاني من فيلم "مرسي وشفيق" -والذي يصلح له عنوان "ترامب وبايدن"- قد انتهى عند مشهد إعلان ترامب فوز نفسه قبل اكتمال فرز ملايين الأصوات مثلما فعل مرسي قبل سنوات، ولكن ولأن المخرج واحد في كلا جزئي الفيلم فيبدو أنه يحاول جاهدًا إحداث مزيد من الاستنساخ من حوادث الفيلم المصري، أو هكذا يظن في نفسه القدرة.

ومرة أخرى، فلأن المخرج واحد، فهذا في نظري يبرئ إدارة أوباما -التي تنتمي للحزب الديمقراطي- تمامًا من الاتهام بأنها هي من خططت ودبَّرت لتزوير النتائج لصالح مرسي في انتخابات الرئاسة المصرية 2012.

اليد النجسة ذاتها التي لعبت في نتائج الانتخابات الرئاسية المصرية وحولتها وبدلتها بين ليلة وضحاها لصالح مرسي بعد أن ظهرت النتائج الأولية لصالح شفيق، حتى استقبل شفيق الحرس الرئاسي لتأمينه في بيته قبل إعلان النتيجة، هذه اليد تحاول اللعب مرة ثانية هذه المرة لصالح ترامب وضد بايدن، لكن أثق إن شاء الله أن نهاية الجزء الثاني من الفيلم ستكون مختلفة.

أصبح من الواضح حدوث تأخير متعمد في إعلان النتائج الرسمية في انتخابات الرئاسة الأمريكية، وبعد أن كان ترامب يطالب بوقف عد الأصوات منذ صباح اليوم التالي لإغلاق مراكز الاقتراع، أصبح يدعي الآن أن هناك بطاقات لم تُحتسب بعد، وينشر منشورات يروج فيها إلى أن الأمور تسير على ما يرام وأنه في طريقه للفوز!

في البداية تصورنا أن غرض ترامب من هذه المنشورات هو استكبار منه على الاعتراف بالهزيمة، أو لإحداث انقسام في الشارع الأمريكي بما يشكل دعوى لأنصاره للتظاهر وربما التخريب، ولكن الخطاب تغير من "لقد فزنا" يوم 4 نوفمبر إلى "سوف نفوز" يوم 10 نوفمبر! مع إصراره على إيهام المطموس على بصيرتهم ممن يناصرونه ويصدقون أكاذيبه أن الفرز لا زال مستمرًا بما يمكن أن يؤدي إلى تبدل النتيجة النهائية المعلوم تقاربها بين المرشحين الاثنين سلفًا في أغلب الولايات.


وباختصار فإن ترامب وبعد أن ضغط على الولايات التي لم ينجح فيها بأنه سيلجأ للقضاء، قد اضطر كثيرًا من الولايات إلى إعادة فرز وعد الأصوات، كي لا تظهر نتائجهم خاطئة في حال لجوئه للقضاء ويتم اتهامهم بالتزوير، وهو ما يمكن أن يستفيد منه أيضًا في محاولة للتلاعب من جانبه في النتائج إن أمكنه ذلك في بعض تلك الولايات، بدعوى أن بعض البطاقات البريدية بعدما روجع الفرز لم تستوفِ الشروط اللازمة لاحتسابها، وأيضًا ليستخدم التأخير كحجة لمزيد من التشكيك في النتائج الرسمية النهائية إذا أُعلنت على خلاف هواه، وأعتقد أنها ستُعلن في الختام على خلاف هواه رغمًا عن أنفه!

إن المؤامرة التي يتحدث عنها ترامب، هو من أعد لها طوال شهور، وتخيل أنه سيجد من يساعده في تنفيذها ويمنع وصول بطاقات الاقتراع البريدية إلى مراكز الاقتراع قبل الإغلاق أو أن بإمكانه وقف العد وعدم احتساب تلك الأصوات وأغلبها للديمقراطيين كما نعلم.

وبالأمس أقال وزير الدفاع، وهناك تقارير تتحدث عن اعتزامه إقالة مديري الـFBI والـCIA! فإن كانت هناك مؤامرة فهي مؤامرتك وقد أُفشلت، وإن كنت تحاول إعداد مؤامرة جديدة فستفشل أيضًا بإذن الله.

وحنانيك على نفسك يا ترامب كي لا تُصاب بأزمة قلبية، ربما تودي بحياتك، فصحتك لم تتعافى بعد من الإصابة بفيرس كورونا المستجد في أكتوبر الماضي. ونأمل ألا تموت قبل أن تُخرَج من البيت الأبيض كي لا يتم ترويج مزيد من القصص عن المؤامرات ضدك، وليس من متآمرٍ غيرك.

**************************

وزير خارجية أمريكا الجمهوري مايك بومبيو يرفض الاعتراف بفوز جو بايدن! ويعد بانتقال سلس لولاية ثانية لدونالد ترامب!

يقول للصحفيين: يجب أن نحسب كل صوت قانوني، ويجب أن نتأكد من عدم احتساب أي صوت غير قانوني.

وطبعًا هو يعتبر الصوت قانوني طالما لمرشحهم ترامب، وغير قانوني طالما لبايدن!



هذه هي بلطجة الجمهوريين في أزهى صورها، وتوهم القدرة على تكرار سيناريو انتخابات 2000. والمؤكد –وفقًا لما أعلنوه بأنفسهم- أنهم يحاولون التجهيز لمؤامرة ليس فقط لتعطيل نقل السلطة بل بالأدق لرفض نقلها للديمقراطيين.

في انتخابات الرئاسة لسنة 2000 -التي بلطج فيها الجمهوريون على آل جور وسرقوا منه نجاحه في الانتخابات- كانت تكفيهم ولاية واحدة (فلوريدا) لتحويل اتجاه الأصوات باستخدام آلات ثقب غير صالحة لإبطال أصوات إحدى المقاطعات، وكان حاكم الولاية جيب بوش شقيق مرشحهم عديم الكفاءة جورج بوش الابن يقوم بأقصى جهده لإنجاح شقيقه، واستطاعوا من خلال تهييج الجماهير ثم القضاة التابعين لهم وقف الفرز اليدوي بغرض إنجاح بوش.

هذه المرة هم بحاجة لأربع ولايات كبيرة على الأقل ليزوروا فيها من خلال إعادة الفرز ويقرروا ما يلزمهم احتسابه لحزبهم، وما يلزمهم حذفه من أصوات للديمقراطيين، كي يعكسوا النتيجة، لذا فالتزوير أصعب وقوانين الولايات لا تطاوعهم باستثناء جورجيا، وحاكمها برايان كيمب جمهوري ولكن ليس لديه الدافع ليجازف مجازفة جيب بوش، وأصواتها لا تكفيهم.

ليس أمام ترامب الآن سوى محاولة رفع دعاوى في بعض الولايات، ولا يمكن لبايدن أن يفوز رسميًا قبل حسم أي مسألة قانونية.

والخلاصة أن ترامب وإدارته يطمحون في الوصول بنتيجة الانتخابات إلى المحكمة العليا لنشهد تزويرًا كتزوير عام 2000، وربما يماطلون استهدافًا لإبقاء الانتخابات بلا حسم ولا نتيجة نهائية لأطول فترة، ويأملون أن يصلوا ليوم 14 ديسمبر دون حسم لتقرر المحكمة العليا الفائز من بين المرشحين.

إن الأمر يتعدى كونه عدم اعتراف الجمهوريين بفوز بايدن، بل لا زالوا لم يفقدوا الأمل في قدرتهم على تزوير الانتخابات وعكس نتيجتها لصالحهم.

وفي رأيي أنه لا يصح بقاء شخص مضطرب نفسيًا وعقليًا مثل ترامب في منصب رئاسة أكبر دولة في العالم، وحتى موعد تسليم السلطة في 20 يناير القادم. هذا المجنون أصبح يشكل خطرًا على العالم، ولا بد من الحجر عليه خلال تلك الفترة.

ليست هناك تعليقات: